الدجى، وأعلام الهدى، وأبواب الرحمة، ومفاتيح الخير، ومعادن البركة، وساسة الحق، وقادة العدل. ثم نزل فتكلم أبو العباس، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد، ووعد من نفسه خيرا ثم نزل.
وولى أبو العباس الكوفة داود بن علي، فكان أول من ولاه أبو العباس، ووجه بأخيه أبي جعفر إلى خراسان لاخذ البيعة على أبي مسلم، فصار إلى مرو في ثلاثين فارسا، فلم يحتفل به أبو مسلم، ولم يلتقه، واستخف به، فانصرف واجدا عليه، وشكاه إلى أبي العباس، وأعلمه ما نال منه، وكثر عليه في بابه، فقال أبو العباس: فما الحيلة فيه، وقد عرفت موضعه من الامام ومن إبراهيم، وهو صاحب الدولة والقائم بأمرها؟
وقدم أبو مسلم على أبي العباس، فأكرمه وأعظمه، ولم يذكر له من أمر أبي جعفر شيئا. ودخل إليه يوما من الأيام، وأبو جعفر جالس معه، فسلم عليه وهو قائم، ثم خرج ولم يسلم على أبي جعفر، فقال له أبو العباس: مولاك مولاك لم لا تسلم عليه؟ يعني أبا جعفر. فقال: قد رأيته، ولكنه لا يقضى في مجلس الخليفة حق أحد غيره.
ولما قتل صالح مروان بن محمد وجه برأسه إلى أبي العباس، وحوى خزائنه وأمواله، وحمل أبا عثمان، ويزيد بن مروان، ونسوة من آل مروان وبناته، فما صرن إلى الكوفة أطلق النساء، وحبس الرجال، وأخذ عبد الله بن مروان بمكة، فحمل أيضا، وحبس مع سائر أهله.
وولى أبو العباس داود بن علي الحجاز، فقدم، وعامل مروان الوليد ابن عروة بن عطية السعدي مقيم بمكة لم يعلم بأن الناس بايعوا أبا العباس، فلما علم هرب، وقدم داود فخطب خطبة له مشهورة ذكرهم فيها ما فضلهم الله به، فظلم من ظلمهم، ثم قال: إنما كانت لنا فيكم تبعات وطلبات، وقد تركنا ذلك كله، وأنتم آمنون بأمان الله أحمركم وأسودكم، وصغيركم وكبيركم، وقد غفرنا التبعات، ووهبنا الظلامات، فلا ورب هذه البنية لا