أثره، وهو منهزم لا يلوي على شئ، حتى أخرجه إلى الجزيرة، ثم أخرجه من الجزيرة إلى الشأم، فجعل لا يمر بجند من أجناد الشأم إلا انتهبوه، حتى صار إلى دمشق، وهو مضمر أن يتحصن بها، فانتهبه أهل دمشق، ووثب عليه من بها من قيس، فدخلها عبد الله بن علي عنوة، وقتل الوليد بن معاوية بن مروان ابن عبد الملك، خليفة مروان بها، ومضى مروان إلى فلسطين هاربا، فلحقه عبد الله بن عبد الملك، فأسره عبد الله بن علي، وأسر معه عبد الله بن يزيد بن عبد الملك، فوجه بهما إلى أبي العباس، فصلبهما بالحيرة.
وقدم صالح بن علي عاملا على مصر، وقد هرب مروان إليها، فاتبعه، فألجأه إلى قرية بوصير من كورة اشمون من الصعيد، فلم يزل مواقفا له، والحرب بينهما، ثم أرسل إليه مروان: متى ظفرت بهذا الامر فأوصيك بالحرم خيرا! فأرسل إليه صالح: يا جاهل! إن الحق لنا عليك في نفسك، ولك علينا في حرمك.
وانصرف عبد الله بن علي راجعا إلى دمشق وصالح في قتال مروان، ثم قتل مروان في المعركة، وصاحب الجيش عمر بن إسماعيل الحارثي، وكانت مدة مروان في ولايته إلى أن قتل خمس سنين، وقتل في ذي الحجة سنة 132، وهو ابن أربع وستين سنة، وقيل: ثمان وستين سنة، وحز رأسه، فلما قور جاءه هر فأخذ لسانه، وحمل الرأس إلى أبي العباس، فلما وضع بين يديه قال: أيكم يعرف هذا؟ فقال سعيد بن عمرو بن جعدة: هذا رأس مروان ابن محمد بن مروان بن الحكم، خليفتنا بالأمس. فأنكر الناس ذلك عليه، فقال أبو العباس: ما أراد الشيخ بهذا القول إلا الوفاء.
وكان الغالب على مروان أبو حديدة السلمي، وإسماعيل بن عبد الله القسري، وإسحاق بن مسلم العقيلي، وعلى شرطه الكوثر بن الأسود الغنوي، وهو الذي قال له يوما في قتاله: انزل، ويلك! فقاتل، فأبى أن يفعل، فقال مروان:
والله لأسوءنك! فقال: وودت والله أنك تقدر على ذلك، وكان على حرسه