أيام الوليد بن عبد الملك ثم ملك الوليد بن عبد الملك بن مروان، وأمه ولادة بنت العباس بن جزء العبسية، للنصف من شوال سنة 86، في اليوم الذي توفي فيه عبد الملك، وكانت الشمس يومئذ في الميزان خمس عشرة درجة وخمسين دقيقة، والقمر في الحمل ثمانيا وعشرين درجة وخمسين دقيقة، وزحل في الثور أربعا وعشرين درجة وثلاثين دقيقة راجعا، والمشتري في الدلو ستا وعشرين درجة وثلاثين دقيقة راجعا، والمريخ في القوس إحدى وعشرين درجة وثلاثين دقيقة، والزهرة في العقرب خمس عشرة درجة وثلاثين دقيقة، وعطارد في الميزان عشر درجات وأربعين دقيقة، فصعد المنبر فنعى أباه، وقال: أيها الناس! عليكم بالطاعة، ولزوم الجماعة، فإنه من أبدى ذات نفسه ضربت الذي فيه عيناه، ومن سكت مات بدائه.
ثم نزل فعقد لمسلمة أخيه على غزاة الروم، فنفذ في عدد كثير، فوجد جراجمة أنطاكية قد خالفوا، فقتل منهم مقتلة عظيمة.
وكتب الوليد إلى الحجاج فنعي إليه أباه عبد الملك، فنادى الحجاج بالصلاة جامعة، ثم صعد النبر، فذكر عبد الملك، وقرظه، ووصف فعله وقال: كان والله البازل الذكر، رابعا من الولاة الراشدين المهديين، وقد اختار له الله ما عنده، وعهد إلى نظيره في الفضل وشبيهه في الحزم والجلد، والقيام بأمر الله، فاسمعوا وأطيعوا.
وولى الوليد عمر بن عبد العزيز المدينة، وأمر أن يقف هشام بن إسماعيل للناس، وكان هشام بن إسماعيل المخزومي قد أساء السيرة، وجار في الاحكام، وتحامل على آل رسول الله، فلما قدم عمر قال هشام: ما أخاف إلا علي بن الحسين! فمر به، وهو موقوف، فسلم عليه، فناداه هشام. الله أعلم حيث يجعل رسالاته، ولم يعرض له سعيد بن المسيب ولا لاحد من أسبابه وحاميته.