إليه الناس، ثم أمر صائحا، فصاح: الصلاة جامعة، ثم صعد المنبر فقال:
أيها الناس احمدوا الله، وادعوا لأمير المؤمنين الذي سقاكم الماء العذب، بعد المالح الأجاج، الذي لا يطاق شربه، يعني زمزم. وكان لا يجتمع على ذلك الماء اثنان، وكانوا على شرب زمزم أكثر ما كانوا، فلما رأى خالد ذلك قام خطيبا، فنال من أهل مكة، وكلمهم بكلام قبيح يعنفهم فيه على تركهم شرب ذلك الماء، وإقبالهم على زمزم، ولم تزل تلك الفسقية على حالها أيام بني أمية، فلما صار الامر إلى بني هاشم هدمها داود بن علي أول ما قدم مكة.
ولم يقم خالد بمكة إلا قليلا حتى سخط عليه سليمان، فصرفه، وولى طلحة بن داود الحضرمي، وأمره أن يضرب خالدا بالسياط بسبب امرأة من قريش كان قذفها فأقبح، وأن يطالبه، ويحمله في الحديد، وعزل عثمان بن حيان المري عامل المدينة، وقلد أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، فضرب عثمان بن حيان حدين: أحدهما في شرب الخمر، والآخر في قرفه على عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان.
وسخط سليمان على موسى بن نصير اللخمي، العامل على إفريقية، والذي افتتح الأندلس وما والاها، وكان موسى قدم على الوليد، فوجده شديد العلة، فلم يقم إلا أياما حتى مات، وسعى طارق مولى موسى بمولاه إلى سليمان، فاستصفى سليمان ماله، وأخذه بمائة ألف دينار، فقال موسى: صحبتكم ولي فرس وفرو وسيف، فأعطوني هذا وشأنكم بما بقي.
وولى سليمان المغرب محمد بن يزيد، مولى قريش، وأمره بتتبع أصحاب موسى وولده وأصحابه، وكان سليمان قد قدم يزيد بن المهلب وخصه وأبره، ودفع إليه أصحاب الحجاج بن يوسف، وموسى بن نصير، وخالد بن عبد الله القسري، ويوسف بن عمر الثقفي، والحكم بن أيوب، وعبد الرحمن بن حيان المري، وأمره أن يعذبهم حتى يستخرج منهم الأموال، وتتبع سليمان أصحاب الحجاج يسومهم سوء العذاب، وأشخص إليه يزيد بن أبي مسلم