وكان الحجاج لما أشخص إليه قتيبة ولد المهلب حبسهم جميعا، ومعهم يزيد بن المهلب، بستة آلاف ألف درهم، وعذبهم في ذلك أشد العذاب، فلما رأوا ما هم فيه من العذاب سألوه أن يدخل إليهم التجار حتى يبيعوا أموالهم وضياعهم، وصنعوا طعاما كثيرا، ودخل إليهم الناس، وخلق من التجار، فأكلوا عندهم في الحبس ثم اختلطوا بغمار الناس، وخرجوا معهم، وقد لبس يزيد لحية كبيرة طويلة صفراء، وكان شابا، ثم ركب وإخوته نجائب قد كان تقدم في إعدادها، ولحق بالشأم، فصار إلى سليمان بن عبد الملك، فكلموه، وصار إلى عبد العزيز بن الوليد، فشفع فيهم عند الوليد، حتى آمنهم وأحضرهم، فصالحهم على نصف المال، وهو ثلاثة آلاف ألف درهم، فقالوا: على أن نستعين قومنا من أهل الشأم، فقال: ذلك إليكم! فتحمل عنهم اليمانية من أهل دمشق من أعطيتهم نجما، وتحمل عنهم سائر أهل الشأم نجما، وأقاموا بباب الوليد، وكتب الوليد إلى الحجاج في تخلية من كان في محبسه من أسبابهم، فخلاهم جميعا.
ووجه الحجاج محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي إلى السند، سنة 92، وأمره أن يقيم بشيراز من أرض فارس، حتى يمكن الزمان، فقدم محمد شيراز، فأقام بها ستة أشهر، ثم سار في ستة آلاف فارس، حتى أتى مكران، فأقام بها شهرا ونحوه، ثم زحف إلى فنزبور، وقد جمع أهل فنزبور، فحاربهم شهورا، ثم فتحها فسبى وغنم، ثم زحف إلى ارمائيل فحاربهم أياما، ثم فتحها، فأقام بها شهورا، ثم زحف إلى الديبل في خلق عظيم، حتى أتى المدينة، وعبأ الجيوش، وأخذ بأكظام القوم، وأقام يحاربهم عدة شهور، وكان لهم بد يعبدونه، طوله في السماء أربعون ذراعا، فرماه بالمنجنيق، فكسره، ثم وضع السلاليم على السور، وأصعد الرجال، فافتتحها عنوة، فقتل المقاتلة، ووجد للبد الذي كانوا يعبدونه سبع مائة راتبة، وأخذ منها أموالا عظاما.