المؤمنين، وكيف أنت؟ وانصرف الوليد، وهو يقول لعمر: هذا بقية الناس.
وقسم الوليد بين أهل المدينة قسما كثيرة، وصلى بها الجمعة، وصف بها الجند صفين، وصلى في دراعة وقلنسوة في غير رداء، وخطب قاعدا، وتوعد أهل المدينة فقال: إنكم أهل الخلاف والمعصية، فقام إليه قوم فكلموه، وكلمه أبو بكر بن عبد الرحمن، فقال: ما نجهل ما تقولون، ولكن في النفوس ما فيها.
وصار إلى مكة فخطب بها خطبة بتراء ذكر فيها الوعيد والتهديد، ولما صار بعرفة أطعم الناس، ونصب الموائد، ولم يأكل، وكان خالد الذي يقوم على الموائد، ثم نصب مائدة، فقيل هذه لأمير المؤمنين، فقام، فأرسل إليه الوليد يأمره بالجلوس فجلس.
وولى الوليد موسى بن نصير الأندلس في هذه السنة، وهي سنة 91، فوجه معه بطارق مولاه، فلقي ملك الأندلس، وكان يقال له الادريق، وكان رجلا من أهل أصبهان، وهم القوطيون ملوك الأندلس، فزحف طارق إليه، فاقتتلوا قتالا شديدا، وفتح الأندلس، ثم خرج موسى بن نصير إلى البلد، وكان قد غضب على طارق مولاه في أمور بلغته عنه، فلقيه طارق، فترضاه، فرضي عنه، ووجهه إلى مدينة طليطلة، وهي من عظام مدائن الأندلس، على مسيرة عشرين يوما، فأصاب فيها مائدة ذهب مفصصة بالجوهر، قيل إنها مائدة سليمان بن داود، فكسر رجلها، فأخذها، وبعث بها إلى موسى بن نصير.
وكان الحجاج قد عزل يزيد بن المهلب عن خراسان، وولى المفضل، فأقر المفضل ثم عزله، وولى قتيبة بن مسلم الباهلي، وكان قتيبة عامله على الري، وكتب إليه ان يستوثق من المفضل وبني أبيه، ويشخصهم إليه، فسار قتيبة من الري حتى قدم مرو، فأخذ المفضل بن المهلب وسائر ولد المهلب، فأشخصهم إلى الحجاج، فحبسهم وطالبهم بستة آلاف ألف.
وصار قتيبة إلى بخارى، فافتتحها، وافتتح عدة مدن منها، ثم انصرف