وكان قد حمل من كل بلد من فيه من أسرى الروم، واشترى عبيد النصارى.
وبنى المتوكل قصورا أنفق عليها أموالا عظاما منها: الشاه، والعروس، والشبداز، والبديع، والغريب، والبرج، وأنفق على البرج ألف ألف وسبعمائة ألف دينار.
وكان انقضاض الكواكب ليلة الخميس مستهل جمادى الآخرة سنة 241، ولم تزل تنقض من أول الليل إلى طلوع الفجر، وكانت الزلازل بقومس ونيسابور وما والاها سنة 242، حتى مات بقومس خلق كثير، ونالتهم رجفة يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من شعبان، فمات فيها زهاء مائتي ألف، وخسف بعده مدن بخراسان، ونال أهل فارس في هذا الشهر شعاع ساطع من ناحية الفلروم 1 ورهج أخذ بأكظام الناس، فمات الناس والبهائم، واحترقت الأشجار، ونال أهل مصر زلزلة عمت حتى اضطربت سواري المسجد، وتهدمت البيوت والمساجد، وذلك في ذي الحجة من هذه السنة.
وعزم المتوكل على المسير إلى دمشق، ووصف له برد هوائها، وكان محرورا، فكتب إلى أحمد بن محمد بن مدبر يأمره باتخاذ القصور وإعداد المنازل، وكتب في إصلاح الطريق، وإقامة المنازل والمرافد، وسار من سر من رأى يوم الاثنين لعشر بقين من ذي القعدة سنة 243، ونزل دمشق يوم الأربعاء لثمان بقين من صفر سنة 244، فنزل تلك القصور، فأقام ثمانية وثلاثين يوما.
وبلغه عن بعض الموالي من الأتراك أمر كرهه، فشخص عن دمشق إلى العراق، ولم يسافر في ولايته غير هذه السفرة إلا في نزهة، ولم ير في سفرته هذه شيئا، ولا نظر في مصلحة أحد.
وأصابت الشأم كله زلازل حتى ذهبت اللاذقية وجبلة، ومات عالم من الناس، حتى خرج الناس إلى الصحراء، وأسلموا منازلهم وما فيها، واتصل ذلك شهورا من سنة 245