وانتقل المتوكل إلى موضع يقال له الماحوزة على ثلاثة فراسخ من قصر سر من رأى، وبنى هناك مدينة سماها الجعفرية، وحفر فيها نهرا من القاطول، ونقل الكتاب والدواوين والناس كافة إليها، وبنى فيها قصرا لم يسمع بمثله، وذلك في المحرم سنة 246.
وسخط على نجاح بن سلمة الكاتب وكان أغلب كتابه عليه بعد عبيد الله بن يحيى، وكان لا يزال يتنضخ بأموال الناس، فسلمه إلى موسى بن عبد الملك بن هشام صاحب ديوان الخراج، وإلى الحسن بن مخلد بن الجراح صاحب ديوان الضياع، وكانا قد ضمناه بألفي ألف دينار، فعذبه موسى بن عبد الملك أياما، فتوفي في يده، فقبضت ضياعه ودوره وأمواله، وكان ذلك في ذي القعدة سنة 246.
وكان المتوكل قد جفا ابنه محمدا المنتصر، فأغروه به، ودبروا على الوثوب عليه، فلما كان يوم الثلاثاء لثلاث خلون من شوال سنة 247 دخل جماعة من الأتراك منهم: بغا الصغير، واوتامش صاحب المنتصر، وباغر، وبغلو، ويربد 1، وواجن، وسعلفه 2، وكنداش، وكان المتوكل في مجلس خلوة، فوثبوا عليه، فقتلوه بأسيافهم، وقتلوا الفتح بن خاقان معه.
وكانت خلافة المتوكل أربع عشرة سنة وتسعة أشهر وتسعة أيام، وسنه اثنتين وأربعين سنة، ودفن في قصره المعروف بالجعفري الذي كان سماه الماحوزة، وكان الغالب عليه الفتح بن خاقان، وعبيد الله بن يحيى الكاتب، وكان صاحب شرطه إسحاق بن إبراهيم، وبعده محمد بن إسحاق، وبعده محمد ابن عبد الله بن طاهر، وكان صاحب حرسه إسحاق بن يحيى بن معاذ، وبعده رجاء بن أيوب، ثم سليمان بن يحيى بن معاذ، وكان حجابه وصيفا وبغا.