ووثب الجند بسر من رأى مرة بعد أخرى، وتحاربوا وتحاملوا على اوتامش، وقالوا: أخذ أرزاقنا وأزال مراتبنا، وخرجت عصبة من الأتراك والموالي إلى الكرخ، فخرج إليهم اوتامش ليسكنهم، فقتلوه، وقتلوا كاتبه شجاع بن القاسم، وذلك في شهر ربيع الآخر سنة 249، ونهبت دورهما، فوقع ذلك بموافقة المستعين، وكتب إلى الآفاق بلعنه.
ووجه المستعين جعفرا الخياط لغزو الصائفة سنة 249، ومعه عمر بن عبد الله الأقطع، عامل ملطية، فلما دخل إلى بلاد الروم استأذنه عمر أن يوغل، وكان في ثمانية آلاف، فأحاط به العدو، فأصيب هو ومن معه في رجب سنة 249.
وولى المستعين علي بن يحيى الأرمني أرمينية في هذه السنة، وكان أمرها قد اضطرب، فصار إلى ميافارقين، وأغارت الروم وتوسطت بلاد المسلمين، فاجتمع قوم من أهل ذلك البلد إلى علي بن يحيى، فكلموه في لقاء الروم، ورفعوه فخرج معهم، فلقي عسكر الروم، فقاتل قتالا شديدا، فقتل، وأخذ الروم بدنه، وعدوه فتحا عظيما لما كان قد أشجاهم.
ووثب أهل حمص بالفضل بن قارن الطبري عاملهم في هذه السنة، واستجاشوا عليه بأحياء كلب، فتحصن منهم بقصر خالد بن يزيد بن معاوية، وقد كان جدده، فحاصروه، وغاله من كان معه وأسلمه، فأخذوه وذبحوه وصلبوه على باب الرستن، ولما قتلوه خافوا عامل دمشق، فزحفوا إليه، وهو نوشرى بن طاجيل التركي، فوجه إليهم بعسكر من البابكية وغيرهم، فهزموهم، وانصرفوا إلى حمص.
ووجه المستعين موسى بن بغا الكبير في ستة آلاف من الموالي إلى حمص، فلما بلغها خرج إليه رجل يقال له دابر العفار في خلق عظيم من كلب وغيرهم، فحاربه، فكانت عليهم، ودخل موسى حمص عنوة وأباحها ثلاثة أيام، فانتهبت، وطرحت النار في منازلها، فانتهبت