سنين، فلم يجبه إلى ذلك، وانصرف إلى كيسوم من أرض الجزيرة من ديار مضر.
وتوفيت أم جعفر بنت جعفر بن المنصور يوم الاثنين لأربع بقين من جمادى الأولى سنة 216، وفي هذا اليوم ورد نعي عمرو بن مسعدة مات بأذنة، وفي هذه السنة توفي طوق بن مالك الربعي في شهر رمضان.
واشتدت شوكة من كان يحارب الافشين بمصر من أهل الحوف والبيما والبشرود، وهي من كور أسفل الأرض، فخرج المأمون إلى كور مصر، وقدم الافشين في محاربة أهل الحوف، فزحف إليهم بنفسه، فقتلهم وسبى البيما، وهم قبط البشرود، واستفتى في ذلك فقيها بمصر يقال له الحارث بن مسكين مالكي، فقال: إن كانوا خرجوا لظلم نالهم، فلا تحل دماؤهم وأموالهم فقال المأمون: أنت تيس ومالك أتيس منك، هؤلاء كفار لهم ذمة، إذا ظلموا تظلموا إلى الامام، وليس لهم أن يستنصروا با...... 1 ولا يسفكوا دماء المسلمين في ديارهم. وأخرج المأمون رؤساءهم، فحملهم إلى بغداد.
ووشى محمد بن أبي العباس الطوسي، وأحمد بن أبي داود يحيى بن أكثم إلى المأمون تقربا إلى أبي إسحاق، فسخط عليه المأمون، وأمر بنفيه من عسكره، ونزع السواد عنه، وأخرجه إلى بغداد، وأمره أن لا يخرج من منزله، فأخرج من مصر، وأرسل موكلين به، وسخط أيضا على عيسى بن منصور القائد الرافقي، وأخرجه من عسكره، وكان السخط عليهما في يوم واحد.
وكان مقام المأمون بمصر سبعة وأربعين يوما، قدم لعشر خلون من المحرم، وخرج لثلاث بقين من صفر سنة 217، وقدم دمشق منصرفا من مصر، فأقام أياما، ثم شخص إلى الثغر، فنزل أذنة معسكرا بها، وقد كان أبو سعيد محمد بن يوسف الطائي، وعبد الرحمن بن حبيب، وغيرهما من أصحاب محمد بن حميد الطوسي، الذين كانوا بآذربيجان، صاروا إلى باب المأمون،