وقال: من غضب عليك ثلاث مرات، فلم يقل فيك سوءا، فاتخذه لك خلا، ومن أراد أن تصفو له مودة أخيه، فلا يمارينه ولا يمازجنه ولا يعده ميعادا فيخلفه.
وكان لجعفر بن محمد من الولد إسماعيل، وعبد الله، ومحمد، وموسى، وعلي، والعباس.
قال إسماعيل بن علي بن عبد الله بن عباس: دخلت على أبي جعفر المنصور يوما، وقد اخضلت لحيته بالدموع، فقال لي: ما علمت ما نزل بأهلك؟ فقلت:
وما ذلك، يا أمير المؤمنين؟ قال: فإن سيدهم وعالمهم وبقية الأخيار منهم توفي. فقلت: ومن هو، يا أمير المؤمنين؟ قال: جعفر بن محمد. فقلت:
أعظم الله أجر أمير المؤمنين، وأطال لنا بقاءه! فقال لي: إن جعفرا كان ممن قال الله فيه: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا، وكان ممن اصطفى الله، وكان من السابقين بالخيرات.
وكان إسماعيل بن علي من خيار بني هاشم وأفاضلهم، ولاه أبو جعفر المنصور فارس، وقد خرج مهلهل الحروري بها، فلقيه في جمع، فقتله، وهزم عسكره، وأسر من أصحابه أربعمائة، وكان عبد الصمد أخوه معه، فقال: أصلح الله الأمير، اضرب أعناقهم! فقال له إسماعيل بن علي: إن أول من علم قتال أهل القبلة علي بن أبي طالب، ولم يكن يقتل أسيرا، ولا يتبع منهزما، ولا يجهز على جريح.
وكان صالح بن علي بن عبد الله بن عباس يتولى لأبي جعفر قنسرين والعواصم، فبلغه كثرة عدده ومواليه، فخافه، فكتب إليه في القدوم عليه، فكتب: انه شديد العلة، فلم يقبل ذلك، وكان قد سل فصار إلى بغداد، فلما رآه أبو جعفر صرفه، ولم يأمر له بصلة ولا بر، فقال: إن أمير المؤمنين يئس مني، ففعل هذا بي، والله يحيى العظام وهي رميم. فلما صار إلى عانات من كور الفرات مات، وكان نظير أبي جعفر في السن.