وهم يضربونه حتى قتلوه، فلما قتل قال أبو جعفر:
اشرب بكأس كنت تسقي بها * أمر في فيك من العلقم كنت حسبت الدين لا يقتضى * كذبت والله أبا مجرم وكفن في مسح، وصير في جانب المضرب، وقيل لأصحابه: اجتمعوا، فإن أمير المؤمنين قد أمر أن ينثر عليكم الدراهم، ونثرت عليهم بدرة دراهم، فلما أكبوا يلتقطونها طرح عليهم رأس أبي مسلم، فلما نظروا إليه أسقط ما في أيديهم، وعرتهم ضعضعة، وكان ذلك في شعبان سنة 137.
وخرج قوم من أصحاب أبي مسلم إلى خراسان فصاروا إلى سنباذ، وسنباذ بنيسابور، فلما بلغه قتل أبي مسلم أظهر المعصية، وخرج يطلب بدمه حتى اضطرب خراسان، فوجه أبو جعفر جهور بن مرار، فلقي سنباذ، فواقعه، فقتله، وفرق جمعه.
وبلغ أبا جعفر مكان عبد الله بن علي عند سليمان بن علي، وهو إذ ذاك عامل البصرة، فوجه إلى سليمان، فأنكر أن يكون عنده، ثم طلب الأمان، فكتبه له أبو جعفر على نسخة وضعها ابن المقفع بأغلظ العهود والمواثيق ألا يناله بمكروه، وألا يحتال عليه في ذلك بحيلة، وكان في الأمان: فإن أنا فعلت، أو دسست، فالمسلمون براء من بيعتي، وفي حل من الايمان والعهود التي أخذتها عليهم. فلما وقف أبو جعفر على هذا قال: من كتبه؟ قيل: ابن المقفع، فكان ذلك سببا لميتة ابن المقفع.
وقدم سليمان بن علي من البصرة حتى أخذ الأمان، وشخص من البصرة، ومعه عيسى بن علي، فظهر بهما عبد الله بن علي، فقدما به على أبي جعفر يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة 137، وهو بالحيرة، فأقام في منزل عيسى بن علي، وحبسه عند عيسى بن موسى، وهو ولي عهد ثم سأله عنه، فأخبره أنه قد توفي، فوجه إلى عيسى بن علي وإسماعيل وعبد