والله الادبار، وإلا فمن سمع بميت يهزم حيا؟
وسار حميد بن قحطبة حتى دخل الكوفة بعدما فقد قحطبة بأربع ليال، وقد أخذ محمد بن عبد الله القسري الكوفة لبني هاشم، وأظهر دعوتهم، وشرد من كان بها من بني أمية وأصحابهم، وأظهر السواد، وغلب سفيان بن معاوية ابن يزيد بن المهلب على البصرة وسود، و دعا إلى بني هاشم أبو سلمة حفص بن سليمان الخلال، واستعمل العمال، ووجه الحسن بن قحطبة إلى ابن هبيرة، وأتبعه بمالك بن الهيثم، وأمرهما أن يحاصراه، فأناخ الحسن على المدينة الغربية، ومالك على الشرقية، ووجه هشام بن إبراهيم مولى بني ليث إلى عبد الواحد ابن عمر بن هبيرة، وكان عامل أخيه على الأهواز، فقاتله حتى فض جمعه، ثم انهزم عبد الواحد بن عمر بن هبيرة، فلحق بسلم بن قتيبة الباهلي، وهو عامل يزيد بن عمر على البصرة.
وقدم أبو العباس وإخوته وأهل بيته الكوفة في المحرم سنة 132، فصيرهم أبو سلمة في دار الوليد بن سعد في بني أود، وكتم أمرهم، فلم يطلع على خبرهم أحد، فأقاموا في تلك الدار شهرين، حتى لقي أبو حميد غلاما لهم، فسأله عنهم، فأخبره بسوء ضعفهم، فصار إليهم وهم في سرداب، فقال: أيكم عبد الله بن محمد بن الحارثية؟ فأشير له إلى أبي العباس، فسلم عليه بالخلافة، فمضى، فأحضر أصحابه، وأخرج أبا العباس، وبايع الناس له، فلما بلغ أبا سلمة الخبر جاءهم ركضا حتى لحقهم، فقال له: عجلتم، وأرجو أن يكون خيرا. وصار أبو العباس إلى المسجد، فخطب وصلى.
ووجه أبو العباس عمه عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس لقتال مروان، فلقيه بالزاب بالقرب من الموصل، وإنما كان قصد مروان إلى الزاب لان بني أمية كانت تروي في ملاحمها أن المسودة لا يجوز سلطانهم الزاب، فكانوا يتوهمون أنه زاب الموصل، فقصده مروان، وهو يرى أنه لا يجوزه، وإنما ذلك زاب بأقاصي الغرب، فحاربه عبد الله بن علي، فهزمه، ثم لم يزل في