وعماله بالبحرين واليمامة وعمان وهجر وطوائف من أرض العرض، فلما نقمت الخوارج ما نقمت من دفع عشرة آلاف إلى مالك بن مسمع، وبعثه بابنة عمرو بن عثمان إلى عبد الملك خلعوه، وأقاموا أبا فديك، فوجه إليه عبد الملك أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد، فهزمه أبو فديك، وفضخه وأخذ أثقاله وحرمه، ثم وجه إليه عمر بن عبيد الله بن معمر، فلقي أبا فديك بالبحرين، ومع عمر أهل الكوفة، فقتل أبا فديك واستنقذ منه حرم أمية بن عبد الله.
وولى عبد الملك الحجاج في هذه السنة العراق، وكتب إليه كتابا بخطه:
أما بعد، يا حجاج، فقد وليتك العراقين صدقة، فإذا قدمت الكوفة فطأها وطأة يتضاءل منها أهل البصرة، وإياك وهوينا الحجاز، فإن القائل هناك يقول ألفا ولا يقطع بهن حرفا، وقد رميت العرض الأقصى، فارمه بنفسك، وأرد ما أردته بك، والسلام.
فلما قدم الكوفة صعد المنبر متلثما بعمامته متنكبا قوسه وكنانته، فجلس على المنبر مليا لا يتكلم، حتى هموا أن يحصبوه، ثم قال: يا أهل العراق، ويا أهل الشقاق والنفاق والمراق، ومساوئ الأخلاق، إن أمير المؤمنين نثل كنانته، فعجمها عودا عودا، فوجدني أمرها عودا وأصعبها كسرا، فرماكم بي، وإنه قلدني عليكم سوطا وسيفا، فسقط السوط وبقي السيف.
وتكلم بكلام كثير فيه توعد وتهدد، ثم نزل وهو يقول:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا * متى أضع العمامة تعرفوني ولما استقامت الأمور لعبد الملك وصلحت البلدان، ولم تبق ناحية تحتاج إلى صلاحها والاهتمام بها، خرج حاجا سنة 75 فبدأ بالمدينة وأحرم من ذي الحليفة، ودخل وهو يلبي، ودخل المسجد وهو يلبي، وخطب في أربعة أيام في كل يوم خطبة، وصلى المغرب عشية عرفة قبل أن يصير إلى جمع، وكان فيما خطب به في بعض أيامه، أن قال: لقد قمت في هذا الامر، وما