الأمان، وكتب لهم كتابا بأغلظ العهود، وأشد المواثيق، فخرجوا على ذلك، فقدمهم رجلا رجلا فضرب أعناقهم، فكانت إحدى الغدرات المذكورة المشهورة في الاسلام.
وأخذ أسماء بنت النعمان بن بشير امرأة المختار، فقال لها: ما تقولين في المختار بن أبي عبيد؟ قالت: أقول إنه كان تقيا، نقيا، صواما. قال: يا عدوة الله أنت ممن يزكيه! فأمر بها فضرب عنقها، وكانت أول امرأة ضرب عنقها صبرا، فقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
إن من أعجب العجائب عندي * قتل بيضاء حرة عطبول قتلوها بغير جرم أتته * إن لله درها من قتيل كتب القتل والقتال علينا * وعلى الغانيات جر الذيول فلما قتل مصعب بن الزبير المختار، واستقامت له أمور العراق، حسده عبد الله بن الزبير على ذلك، فوجه حمزة ابنه إلى البصرة، وكتب إلى مصعب أن يصرف أمر البصرة إلى حمزة، ففعل ذلك، فكان حمزة من أضعف الناس، وأقلهم علما بالامر، ثم اجتبى خراج البصرة، ونفذ إلى أبيه إلى مكة.
ووفد مصعب على أخيه عبد الله فجفاه حتى كان ليدخل فيسلم فلا يرفعه، فلما قدم على عبد الله ابنه حمزة رد مصعب إلى العراق، وقتل عبد الله بن الزبير أخاه عمرو بن الزبير لعداوة كانت بينه وبينه، ولمبايعته لمروان بن الحكم، وقيل: إنه كان على شرطة عمرو بن سعيد، فوجه به عمرو لمحاربة أخيه فقتله.
وولى ابن الزبير المهلب بن أبي صفرة خراسان، وكان مع مصعب، فقدم البصرة، وقد حصرت الخوارج أهلها، وغلبت على جميع سوادها وكورها، فلم يبق في أيدي أهلها إلا المدينة، فلما قدم عليهم المهلب فزع إليه أشراف الناس ووجوههم، وأتاه الأحنف بن قيس، والمنذر بن الجارود، ومالك بن مسمع، فيمن معهم من العشائر، فقالوا: يا أبا سعيد! أنت شيخ الناس، وسيف العراق، وقد ترى ما فيه أهل مصرك من هذه الخوارج المارقة، والإقامة على منع