حرب وأصعبها.
ثم صار ابن مطيع إلى القصر ودعا الناس إلى البيعة، فبايعوا لآل رسول الله، ودفع المختار إلى ابن مطيع مائة ألف، وقال له: تحمل بها وانفذ لوجهك. وسرح المختار عماله إلى النواحي، فأخرجوا من كان فيها، وأقاموا بها.
وكان عامل المختار على الموصل عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني، فزحف إليه عبيد الله بن زياد، بعد قتله سليمان بن صرد، فحاربه عبد الرحمن، وكتب إلى المختار بخبره، فوجه إليه يزيد بن أنس، ثم وجه إبراهيم بن مالك بن الحارث الأشتر، فلقي عبيد الله بن زياد فقتله، وقتل الحصين بن نمير السكوني، وشرحبيل بن ذي الكلاع الحميري، وحرق أبدانهما بالنار، وأقام واليا على الموصل وأرمينية وأذربيجان من قبل المختار وهو على العراق وال، ووجه برأس عبيد الله بن زياد إلى علي بن الحسين إلى المدينة مع رجل من قومه، وقال له: قف بباب علي بن الحسين، فإذا رأيت أبوابه قد فتحت ودخل الناس، فذاك الوقت الذي يوضع فيه طعامه، فادخل إليه. فجاء الرسول إلى باب علي ابن الحسين، فلما فتحت أبوابه، ودخل الناس للطعام، نادى بأعلى صوته:
يا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومهبط الملائكة، ومنزل الوحي! أنا رسول المختار بن أبي عبيد معي رأس عبيد الله بن زياد، فلم تبق في شئ من دور بني هاشم امرأة إلا صرخت، ودخل الرسول، فأخرج الرأس، فلما رآه علي بن الحسين قال: أبعده الله إلى النار.
وروى بعضهم أن علي بن الحسين لم ير ضاحكا يوما قط، منذ قتل أبوه، إلا في ذلك اليوم، وأنه كان له إبل تحمل الفاكهة من الشأم، فلما أتي برأس عبيد الله بن زياد أمر بتلك الفاكهة، ففرقت في أهل المدينة وامتشطت نساء آل رسول الله، واختضبن، وما امتشطت امرأة ولا اختضبت منذ قتل الحسين بن علي.
وتتبع المختار قتلة الحسين، فقتل منهم خلقا عظيما، حتى لم يبق منهم كثير أحد، وقتل عمر بن سعد وغيره، وحرق بالنار، وعذب بأصناف العذاب.