سعيد بن العاص بعده، وكان روح بن زنباع الجذامي يميل مع مروان، فقام خطيبا، فقال: يا أهل الشأم! هذا مروان بن الحكم شيخ قريش، والطالب بدم عثمان، والمقاتل لعلي بن أبي طالب يوم الجمل، ويوم صفين، فبايعوا الكبير، واستنيبوا للصغير، ثم لعمرو بن سعيد. فبايعوا لمروان بن الحكم، ثم لخالد بن يزيد، ثم لعمرو بن سعيد.
فلما عقدوا البيعة جمعوا من كان في ناحيتهم، ثم تناظروا في أي بلد يقصدون، فقالوا: نقصد دمشق، فإنها دار الملك، ومنزل الخلفاء، وقد تغلب بها الضحاك بن قيس. فقصدوا دمشق، فلقوا الضحاك بمرج راهط، وكان مع الضحاك من أهل دمشق وفتينهم جماعة، وقد أمده النعمان بن بشير عامل حمص بشرحبيل بن ذي الكلاع في أهل حمص، وأمده زفر بن الحارث الكلابي بقيس بن طريف بن حسان الهلالي، والتقوا بمرج راهط، فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل الضحاك بن قيس وخلق من أصحابه، وهرب من بقي من جيشه.
وبلغ الخبر النعمان بن بشير، وهو بحمص، فخرج هاربا، ومعه امرأته الكنانية وثقله وولده، فتبعه قوم من حمير وباهلة، فقتلوه في البرية، واحتزوا رأسه، ووجهوا به إلى مروان بن الحكم. وهرب زفر بن الحارث الكلابي والخيل تتبعه حتى أتى قرقيسيا، وبها عياض الحرشي من مذحج، فأغلق أبوابهما دونه، فلم يزل يخدعه حتى دخلها.
ووجه مروان حبيش بن دلجة القيني إلى الحجاز لمحاربة ابن الزبير، فسار حتى أتى المدينة، وعليها جابر بن الأسود بن عوف الزهري، عامل ابن الزبير، وكتب ابن الزبير إلى الحارث بن عبد الله عامله على البصرة أن يوجه إليهم بجيش، فلقوا حبيشا فقتلوه وقتلوا عامة أصحابه، فلم يفلت منهم إلا الشريد، فكان فيمن أفلت منهم: يوسف بن الحكم الثقفي، وابنه الحجاج بن يوسف.
ثم خرج مروان يريد مصر، فلما سار إلى فلسطين وجد ناتل بن قيس الجذامي