فجلس، فقال: أشهد لخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا ببعض الطريق سمع رسول الله صوت الحسن والحسين وهما يبكيان وهما مع أمهما، فأسرع السير حتى أتاهما، فسمعته يقول: ما شأن ابني؟ فقالت: العطش، قال: فأخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يده إلى شنة يتوضأ بها فيها ماء وكان الماء يومئذ إعذار أو الناس يريدون الماء، فنادى: هل أحد منكم معه ماء؟ فلم يبق أحد إلا أخلف يده إلى كلاله (1) يبتغي الماء في شنة، فلم يجد أحد منهم قطرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ناوليني أحدهما فناولته إياه من تحت الحذر، فرأيت بياض ذراعيها حين ناولته فأخذه، فضمه إلى صدره وهو يضغو ما يسكت، فأدلع له لسانه فجعل يمصه حتى هدأ وسكن، فلم أسمع له بكاء، والآخر يبكي كما هو ما يسكت، فقال:
" ناوليني الآخر " فناولته إياه، ففعل به كذلك، فسكتا، فما أسمع لهما صوتا ثم قال: سيروا، فصدعنا يمينا وشمالا عن الظعائن حتى لقيناه على قارعة الطريق، فأنا لا أحب هذين، وقد رأيت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
أخبرنا بذلك أبو إسحاق ابن الدرجي، قال: أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني وغير واحد، قالوا: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، قالت أخبرنا أبو بكر بن ريذة، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، قال: حدثنا يوسف بن سلمان المازني، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، فذكره.