محمد بن عبد الكريم، قال: حدثنا الهيثم بن عدي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، قال: كنا عند الحسن، فأتاه آت فقال: يا أبا سعيد، دخلنا آنفا على عبد الله بن الأهتم، فإذا هو يجود بنفسه، فقلنا: أبا معمر كيف تجدك؟ قال: أجدني والله وجعا، ولا أظنني إلا لما بي، ولكن ما تقولون في مئة ألف في هذا الصندوق، لم تؤد منها زكاة؟ ولم توصل منها رحم؟ قلنا: يا أبا معمر، فلمن كنت تجمعها؟ قال: كنت والله أجمعها لروعة الزمان، وجفوة السلطان، ومكاثرة العشيرة، فقال الحسن: البائس، انظروا أنى أتاه شيطانه فحذره روعة رفاته، وجفوة سلطانه، عما استودعه الله إياه، وعمره فيه، خرج - والله - منها سليبا حريبا (1) ذميما مليما، إيها عنك أيها الوارث، لا تخدع كما خدع صويحبك أمامك، أتاك هذا المال حلال، فإياك وإياك أن يكون وبالا عليك، أتاك - والله - ممن كان له جموعا منوعا، يدأب فيه الليل والنهار، ويقطع فيه المفاوز والقفار، من باطل جمعه، ومن حق منعه، جمعه فأوعاه، وشده فأوكاه، لم تؤد منه زكاة ولم توصل منه رحم، إن يوم القيامة ذو حسرات، وإن أعظم الحسرات غدا أن يرى أحدكم ماله في ميزان غيره، أو تدرون كيف ذاكم؟ رجل آتاه الله مالا، فأمره بإنفاقه في صنوف حقوق الله. فبخل به، فورثه هذا الوارث، فهو يرى ماله في ميزان غيره، فيالها عثرة لا تقال، وتوبة لا تنال.
(١١٧)