خياركم لقالوا: ما لهؤلاء من خلاق (1)، ولو رأوا شراركم لقالوا: ما يؤمن هؤلاء بيوم الحساب، والله لقد رأيت أقواما كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه، ولقد رأيت أقواما يمسي أحدهم ولا يجد عنده إلا قوتا، فيقول: لا أجعل هذا كله في بطني، لأجعلن بعضه لله عز وجل، فيتصدق ببعضه، وإن كان هو أحوج ممن يتصدق به عليه.
وبه: عن علقمة بن مرثد قال: لما ولي عمر بن هبيرة العراق. أرسل إلى الحسن وإلى الشعبي، فأمر لهما ببيت، وكانا فيه شهرا أو نحوه، ثم إن الخصي غدا عليهما ذات يوم فقال: إن الأمير داخل عليكما، فجاء عمر يتوكأ على عصا له، فسلم ثم جلس مفطما لهما، فقال: إن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك يكتب إلي كتبا أعرف أن في إنفاذها الهلكة، فإن أطعته عصيت الله، وإن عصيته أطعت الله، فهل تريا لي في متابعتي إياه فرجا؟
فقال الحسن: يا أبا عمرو أجب الأمير، فتكلم الشعبي فانحط في حبل ابن هبيرة، قال: ما تقول أنت يا أبا سعيد؟ فقال: أيها الأمير، قد قال الشعبي ما قد سمعت: قال: ما تقول أنت؟ قال:
أقول: يا عمر بن هبيرة يوشك أن ينزل بك ملك من ملائكة الله فظ غليظ لا يعصي الله ما أمره، فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، يا عمر بن هبيرة، إن تتق الله يعصمك من يزيد بن عبد الملك، ولن يعصمك يزيد بن عبد الملك من الله، يا عمر بن