قال: لما قدم ابن دحية علينا أصبهان نزل على والذي في الخانكاه التي له فكان يكرمه ويجله، وكان صبيا يومئذ، فدخل على والدي يوما ومعه سجادة فقبلها ووضعها بين يديه وقال له: هذه قد صليت عليها كذا وكذا ألف ركعة وختمت عليها القرآن في جوف الكعبة مرات، قال: فأخذها والدي وقبلها ووضعها على رأسه وقبلها منه مبتهجا بها، فلما كان من آخر النهار حضر عندنا رجل من أهل أصبهان، وذكر حالا اقتضت أنه قال: كان اليوم هذا الفقيه المغربي الذي عندكم عندنا في السوق واشترى سجادة حسنة بكذا وكذا، فأمر والدي بإحضار تلك السجادة، فلما رآها الرجل قال: إي والله هذه هي فسكت والدي ولم يقل شيئا، وسقط ابن دحية من عينه.
وحدثني بعض المصريين بمصر قال قال لي الحافظ علي بن المفضل المقدس الفقيه المالكي - وكان من أئمة الدين قال: كنا يوما بحضرة السلطان في مجلس علم وهناك ابن دحية، فسألني السلطان عن (1) حديث فذكرته له، قفال لي: من رواه؟ فلم يحضر لي إسناده في الحال وانفصلنا، فاجتمع بي ابن دحية في الطريق وقال لي: يا فقيه لي سألك السلطان عن إسناد ذاك الحديث لم لم تذكر له أي إسناد شئت فإنه ومن حضر مجلسه لا يعلمون هل هو صحيح أم لا كنت قد ربحت قولك لا أعلم، وعظمت في عينيه وأعين الحاضرين، قال: فعلمت أنه متهاون بأمور الدين جرئ على الكذب.
أنشدني أبو المحاسن محمد بن نصر بن مكارم الأنصاري المعروف بابن عنين لنفسه بدمشق يهجو ابن دحية:
دحية لم يعقب فلم يعتزى * إيه بالبهتان والإفك صح عند الناس شئ سوى * ما أنك من كلب بلا شك أنشدني أبو الخطاب عمر بن حفص بن علي بن أبي البسام الحسيني قال أنشدني أبى لنفسه:
عاذلي لا تفتديني * أن صرت في منزل هجين فليس قبح المكان ما * يقدح في منصبي وديني الشمس علوية ولكن * تغرب في حماة وطين بلغنا أن أبا الخطاب دحية توفى بالقاهرة في ليلة الثلاثاء الرابع عشر من شهر ربيع