ويلك لم أخليت (1) موضع الكلمة الأخرى؟ فقلت: هو ما رأيت يا أمير المؤمنين، فقال: ويلك هذا المنام أريته أنا في هذه الساعة فقلت: يا مولانا لا يكون أصدق من رؤياك، ترجع من حيث شئنا، فقال: ويلك ونكذب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لا والله ما يبقى لنا رجعة ويقضى الله ما يشاء فلما كان اليوم الثاني أو الثالث وقع المصاف وتم ما تم، [و] كسر وأسر وقتل - رضي الله عنه.
قرأت على محمد بن محمود المعدل بهراة عن عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي قال سمعت أبا الحسن علي بن الحسن بن علي بن عبد العزيز الشهابي بمرو يقول مسعود بن عبد الله البداري بهمذان يقول: اتفق أن المسترشد بالله رأى فيما يرى النائم في الأسبوع الذي استشهد فيه: كأن على يديه حمامة مطوقة، فأتاه آت وقال له: خلاصك في هذا [الطير] (2)، فلما أصبح حكى لابن سكينة الامام ما رأى في منامه، فقال: ما أولته يا أمير المؤمنين؟ قال: أولته بيت أبى تمام حيث يقول:
هن الحمام فان كسرت عيافة * جاء الحمام فإنهن حمام وخلاصي حمامي، وليت من يأتيني فيخلصني مما أنا فيه من الذل والحبس فقتل بعد المنام بأيام.
أنبأنا نصر الله بن سلامة الهيتي قال: سمعت أبا الفضل محمد بن ناصر الحافظ يقول: خرج المسترشد في سنة تسع وعشرين وخمسمائة إلى همذان للاصلاح بين السلاطين السلجوقية واختلاف الأجناد، وكان معه جمع كثير من الأتراك (3)، فغدر به أكثرهم ولحقوا بالسلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه، ثم التقى الجمعان فلم يلبثوا إلا قليلا وانهزموا عن المسترشد بالله مع السلطان مسعود إلى النصف من ذي القعدة من السنة، وحمل معهم إلى مراغة من بلاد آذربيجان ثم إن الباطنية ألفوا عليه جماعة من الملاحدة، وقد أنزل ناحية من العسكر، فدخلوا عليه في يوم الخميس السادس عشر من ذي القعدة وفتكوا به، وجماعة معه كانوا على باب خركاهه وقتلوا [جميعا] (4) وحمل [هو] (5) إلى مراغة فدفن هناك، ووصل الخبر إلينا في يوم الجمعة