الدين والأمانة والعقل والمروءة والتحفظ؟ ومتى شرع في الطلب؟
ومتى سمع؟ وكيف سمع؟ ومع من سمع؟ وكيف كتابه؟: ثم يعرف أحوال الشيوخ الذين يحدث عنهم وبلدانهم ووفياتهم وأوقات تحديثهم وعادتهم في التحديث، ثم يعرف مرويات الناس عنهم ويعرض عليها مرويات هذا الراوي ويعتبرها بها، إلى غير ذلك مما يطول شرحه، ويكون مع ذلك متيقظا، مرهف الفهم، دقيق الفطنة، مالكا لنفسه، لا يستميله الهوى ولا يستفزه الغضب، ولا يستخفه بادر ظن حتى يستوفى النظر ويبلغ المقر، ثم يحسن التطبيق في حكمه فلا يجاوز ولا يقصر. وهذه المرتبة بعيدة المرام عزيزة المنال لم يبلغها الا الأفذاذ. وقد كان من أكابر المحدثين وأجلتهم من يتكلم في الرواة فلا يعول عليه ولا يلتفت إليه. قال الامام على ابن المديني وهو من أئمة هذا الشأن (أبو نعيم وعفان صدوقان لا اقبل كلامهما في الرجال، هؤلاء لا يدعون أحدا الا وقعوا فيه) وأبو نعيم وعفان من الاجلة، والكلمة المذكورة تدل على كثرة كلامهما.
في الرجال ومع ذلك لا تكاد تجد في كتب الفن نقل شئ من كلامهما.
أئمة النقد اشتهر بالإمامة في ذلك جماعة كمالك بن انس وسفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وآخرون قد ساق ابن أبي حاتم تراجم غالبهم مستوفاة في كتابه (تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل) وذلك أنه رأى أن مدار الاحكام في كتاب الجرح والتعديل على أولئك الأئمة، وأن الواجب أن لا يصل الناظر إلى احكامهم في الرواة حتى يكون قد عرفهم المعرفة التي تثبت في نفسه انهم أهل أن يصيبوا في