بنيه صلى الله عليه وسلم والاعتصام بسنته ومنافسة الاخبار اعمال البر ويجعل ثوابهما في يوم البعث الامن والافضاء إلى رضوان الله عز وجل.
وقد أصبح الأمير حفظه الله من خليفة المسلمين بحال الأمين المصدق ان شكا لمن مسه الضر من أمته لم يتهم نصحه ولم يجبه قوله وان دافع عنهم رهقا أو طلب لهم عفوا اخذ بقلب الخليفة توفيقه واحدث له بما القى إليه من الفضل سرورا ان شاء الله فجعل الله الأمير لأمته أمنة ومألفا ورضاهم به واخذ بأفئدتهم إليه.
ثم إنه اتاني من رجل من مقانع اهل مكة كتاب يذكر الذي هم فيه من غلاء أسعارهم وقلة ما بأيديهم منذ حبس عنهم بحرهم وأجدب برهم وهلكت مواشيهم هزلا فالحنطة فيهم مدان بدرهم والذرة مدان ونصف بدرهم والزيت مد بدرهم ثم هو يزداد كل يوم غلاء وانه إن لم يأتهم الله بفرج عاجلا لم يصل كتابي حتى يهلك عامتهم أو بعضهم جوعا وهم رعية أمير المؤمنين أصلحه الله والمسئول عنهم.
وقد حدثني من سمع الزهري يقول إن عمر بن الخطاب في عام الرمادة وكانت سنة شديدة ملحة من بعد ما اجتهد في امداد الاعراب بالإبل والقمح والزيت من الأرياف كلها حتى بلحت مما أجهدها قام يدعو الله عز وجل فقال اللهم اجعل ارزاقهم على رؤوس الظراب فاستجاب الله عز وجل له وللمسلمين فأغاث عباده (72 م) فقال عمر والله لو أن الله عز وجل لم يفرجها ما تركت اهل بيت لهم سعة الا أدخلت (53 ك) عليهم اعدادهم من الفقراء فإنه لم يكن اثنان يهلكان من الطعام على ما يقيم الواحد (1). فبلغنا انه حمل إلى عمر من مصر وحدها