ولكن سرعان ما تحولت حركته إلى مذهب من المذاهب الشيعية التي تبنت الثورة والخروج على السلطان كشرط أساسي في الإمامة، ونسبوا هذه العقيدة لزيد بن علي.
فقد جاء في الرواية الواردة عن الإمام الباقر (عليه السلام) وهو ينصح زيدا: " إن الطاعة مفروضة من الله، والمودة للجميع، وأمر الله يجري لأوليائه بحكم موصول، وقضاء مفصول، وحتم مقضي، وقدر مقدور، وأجل مسمى لوقت معلوم، فلا يستخفنك الذين لا يوقنون، إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، فلا تعجل فإن الله لا يعجل لعجلة العباد، ولا تسبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك ".
قال: فغضب زيد عند ذلك وقال: " ليس الإمام منا من جلس في بيته، وأرخى ستره، وثبط عن الجهاد، ولكن الإمام منا من منع حوزته، وجاهد في سبيل الله حق جهاده، ودفع عن رعيته وذب عن حريمه " (1).
فقد حاول راوي هذه الرواية أن يرقى بفكرة الزيدية إلى زمن الإمام الباقر (عليه السلام) (م 114 ه)، والرواية مجهولة لجهالة الحسين بن الجارود وموسى بن بكر بن دأب إرسالها أيضا (2)، كما حاولوا إعطاء زيد الاستقلالية الفكرية عن الأئمة، وأن مصدر علمه القرآن وحده، وقد استغنى به عن كتاب أبيه الذي كان عند أخيه الباقر (عليه السلام) (3)، ثم ذكروا أن أولاد عبد الله بن الحسن أخذوا العلم عنه (4)، ليثبتوا التصاقهم واتصالهم بالكفرة الزيدية، بل هم المؤسسون لها. فانتهى الأمر بقطاع واسع من الشيعة والعلويين بالقول بالإمامة السياسية لمن قام بالسيف من بني فاطمة، وكان أبناء الحسن أسرع الناس لتبني هذه الفكرة، فاعلنوا الثورات في العراق وطبرستان