وهكذا فقد مات داوود بن علي بعد رجوعه من الموسم، وهو في تمام قواه وعنفوان شبابه، عن عمر يناهز 42 سنة، وقد مات حتف أنفه وهو ما ينسجم مع الروايات الشيعية المتقدمة، وبعد شهادة المعلى أخذ الإمام الصادق (عليه السلام) يترحم عليه ويذكره، وقد قضى عنه دينه.
في الصحيح عن الوليد بن صبيح قال: جاء رجل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) يدعي على المعلى دينا عليه، وقال: ذهب بحقي.
فقال: أبو عبد الله: " ذهب بحقك الذي قتله "، ثم قال للوليد: ثم إلى الرجل واقضه حقه، فإني أريد أن أبرد عليه جلده الذي كان باردا (1).
خلاصة البحث:
المعلى بن خنيس مولى الإمام الصادق (عليه السلام)، واختص به، ولم يرو عن غيره من الأئمة، وقليل جدا ما يروي عن الرواة، وكان وكيلا للإمام الصادق (عليه السلام) على تجارة له وعلى بعض شؤونه، وقد عاش في عصر مليء بالصراعات والثورات والآراء، متعدد النزعات، كالقبلية والشعوبية، كما شهد سقوط الدولة الأموية، وقيام الدولة العباسية، وظهور اتجاهات متعددة داخل الكيان الشيعي كالعباسية والكيسانية والزيدية والحسنية والغلاة إلى جنب خط الأئمة المتمثل بالإمام الصادق، وكان أحد أقطاب الصراع إلى جنب الإمام الصادق (عليه السلام)، وكان ملتزما بهديه، عارفا بحقه، منكرا لما يقوله أصحاب الاتجاهات الشيعية الأخرى، كما كان يسعى؛ لأن يكون الأمر والحكم للإمام (عليه السلام)، ولما شعر العباسيون بالخطر من الإمام الصادق (عليه السلام) وأصحابه وأبرزهم كان المعلى، قدم داوود بن علي على قتله، ولما عاد الإمام من مكة اقتص من السياف الذي قتل المعلى، ودعا الله لينتقم من داوود بن علي، فكان قتل داوود بدعاء الإمام (عليه السلام)، ثم أخذ يترحم على المعلى في مناسبات عديدة، وقضى عنه دينه.