بأنه ثقة جليل القدر، مأخوذ من قول النجاشي، فكيف يمكن أن يقال إن قول العلامة لا يخلو من غرابة.
هذا مع أن عدم جواز العمل بالقياس وإن كان من ضروريات مذهب الشيعة، إلا أنه لم يعلم أن الشيخ كان عاملا بذلك، فعمله بالقياس إنما كان حسب اجتهاده، فهو معذور في ذلك، ولو تنزلنا وقلنا إن عمله بالقياس يوجب فسقه (ولا نقول بذلك جزما) فهو لا ينافي وثاقته.
بقي هنا شئ: وهو أن السيد بحر العلوم ذكر في رجاله: " وقال المفيد - قدس سره - في المسائل السروية: فأما كتب أبي علي فقد حشاها بأحكام عمل فيها على الظن. (إلى أن قال): وأجبت عن المسائل التي كان ابن الجنيد جمعها وكتبها إلى أهل مصر ولقبها بالمسائل المصرية، وجعل الاخبار فيها أبوابا، وظن أنها مختلفة في معانيها، ونسب ذلك إلى قول الأئمة عليهم السلام فيها بالرأي، وأبطلت ما ظنه في ذلك وتخيله، وجمعت بين جميع معانيها حتى لم يحصل فيها اختلاف " (إنتهى).
أقول: إن نسبة هذا الكتاب إلى الشيخ المفيد - قدس سره - لم تثبت، ولم يذكر النجاشي والشيخ له كتابا يسمى بالمسائل السروية، نعم ذكر النجاشي له كتابا وهو النقض على ابن الجنيد في اجتهاد الرأي، ولكن لم يعلم أن المراد به ماذا، فلعل المراد النقض على قول ابن الجنيد بالاجتهاد بالرأي، أي بجواز العمل بالظن، ومما يؤكد عدم صحة هذه النسبة أنها لو صحت لذكرها النجاشي والشيخ، فإن ما نسب إليه أعظم من قوله بالقياس، فكيف لم يطلع على ذلك النجاشي والشيخ وهما تلميذان للمفيد - قدس سره -، وكيف كان، فطريق الشيخ إليه صحيح.
10108 - محمد بن أحمد بن الحارث: