الظن بك (1).
وروي أن آخر عبد يؤمر به إلى النار، يلتفت فيقول: يا رب لم يكن هذا ظني بك، فيقول، ما كان ظنك بي؟ قال: كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي، وتسكنني جنتك. فيقول الله عز وجل: يا ملائكتي، وعزتي وجلالي، وجودي وكرمي، وارتفاعي في علوي، ما ظن بي عبدي خيرا ساعة قط، ولو ظن بي ساعة خيرا ما روعته بالنار، أجيزوا له كذبه وأدخلوه الجنة (2).
ثم قال العالم عليه السلام: قال الله عز وجل: ألا لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم وأعمارهم في عبادتي، كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي، فيما يظنونه عندي من كرامتي، ولكن برحمتي فليثقوا، ومن فضلي فليرجوا، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، وإن رحمتي عند ذلك تدركهم، ومنتي تبلغهم، ورضواني ومغفرتي تلبسهم، فإني أنا الله الرحمن الرحيم، وبذلك تسميت (3).
وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إن الله عز وجل أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام: إن في الحبس رجلين من بني إسرائيل، أمر بإطلاقهما، قال: فنظر إلى أحدهما فإذا هو مثل الهدبة (4)، فقال له: ما الذي بلغ بك ما أرى منك؟ قال: الخوف من الله، ونظر إلى الآخر، لم يتشعب منه شئ، فقال له: أنت وصاحبك كنتما في أمر واحد، وقد رأيت ما بلغ الأمر بصاحبك، وأنت لم تتغير، فقال له الرجل: إنه كان ظني بالله جميلا حسنا، فقال: يا رب قد سمعت مقالة عبديك، فأيهما أفضل؟ قال تعالى:
صاحب الظن الحسن أفضل (5).
وأروي عن العالم عليه السلام: إن الله أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام: يا موسى قل لبني إسرائيل: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء يجدني عنده.