وكل ما أفاده الناس فهو غنيمة، لا فرق بين الكنوز والمعادن والغوص ومال الفئ الذي لم يختلف فيه، وهو ما ادعي فيه الرخصة، وهو ربح التجارة وغلة الضيعة، وسائر الفوائد من المكاسب والصناعات والمواريث وغيرها، لأن الجميع غنيمة وفائدة من رزق الله تعالى (١).
فإنه روي أن الخمس على الخياط من إبرته، والصانع من صناعته، فعلى كل من غنم من هذه الوجوه مالا فعليه الخمس (٢)، فإن أخرجه فقد أدى حق الله عليه، وتعرض للمزيد، وحاله الباقي من ماله وطاب، وكان الله أقدر على إنجاز ما وعده العباد من المزيد والتطهير من البخل، على أن يغني نفسه مما في يديه عن الحرام الذي يحل فيه، بل قد خسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين، فاتقوا الله وأخرجوا حق الله مما في أيديكم، يبارك الله لكم في باقيه وتزكوا، فإن الله تعالى الغني ونحن الفقراء.
وقد قال الله تعالى: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) (3) فلا تدعوا التقرب إلى الله بالقليل والكثير على حسب الإمكان وبادروا بذلك الحوادث، واحذروا عواقب التسويف فيها، فإنما هلك من هلك من الأمم السالفة بذلك، وبالله الاعتصام.