وعلى القول بالمدح المعتد به، كما ذهب إليه العلامة المشار إليه، واستدل للقول الأول للأول: بأن العين المذكور في التراجم، إما مأخوذ من العين الباكية، أو الربيئة أو الميزان، والأخير هو الأظهر، لكونه مذكورا في ترجمة جماعة كثيرة.
وأن الغالب كون العين مرادفا لثقة، فيقولون: (ثقة، عين) بحيث يظهر أن الغرض هو التأكيد، وأن المراد منه ما يناسب الوثاقة ويؤكده، وليس ذلك إلا لمعنى الأخير، لأن الميزان لما كان في كمال الاستواء والاستقامة، بحيث لا يزيد أحد كفيه على الاخر، فتشبيه الرجل به يفيد كونه كاملا في تلك الصفة، فيدل على كمال الوثاقة.
كما أن مولانا الصادق عليه السلام سمى أبا الصباح الكناني ميزانا، لثقته، بل روى الكشي بالأسناد عن أبي الصباح، أنه قال: إن الميزان ربما كان فيه العين، فقال عليه السلام: (أنت ميزان ليس فيه عين) (1).
فظهر صحة التشبيه بالعين بمعنى الميزان، لإفادة توكيد الوثاقة.
وأورد عليه بأنها ظاهرة في نفسها في الباكية، لأشهريتها. فالظاهر أنه المراد منها تشبيها للشخص بين الأكفاء بالعين بين الأعضاء، وقد شاع استعماله في الشخص تشبيها له بالعين بالمعنى الباكية، في مثل ما يقال: فلان من أعيان البلد ونحوه ما شاع في اللغة الفارسية (2) أيضا. إلا أن التشبيه فيه باعتبار الامتياز الدنيوي، بخلاف المقام، فإن التشبيه فيه باعتبار الامتياز في الصدق أو العدالة، وإن أمكن التشبيه بالنابغة في عموم النفع، وكونها من أسباب الحياة،