فوق البيوت، فلما رأى ذلك دخل دار هاني بن عروة المرادي، وكان له فيها رأي، فقال له هاني: إن لي من ابن زياد مكانا، وسوف أتمارض له، فإذا جاء يعودني فاضرب عنقه، فقيل لابن زياد: إن هاني ابن عروة شاك يقيئ الدم، وكان شرب (المغرة) (1) فجعل يقيئها، فجاء ابن زياد يعوده، وقال هاني: إذا قلت لكم " أسقوني " فاخرج إليه واضرب عنقه، فقال: أسقوني، فأبطأوا عليه، فقال: ويحكم أسقوني ولو كان فيه ذهاب نفسي. فخرج عبيد الله، ولم يصنع مسلم شيئا، وكان من أشجع الناس، ولكن أخذته كبرة (*) فقيل لابن زياد - لعنه الله - والله إن في البيت رجلا مسلحا. فأرسل ابن زياد إلى هاني ابن عروة يدعوه، فقال: إني شاك لا أستطيع، فقال: ائتوني به وان كان شاكيا فاخرج له دابة، فركب، ومعه عصاه وكان أعرج، فجعل يسير قليلا ويقف، ويقول: مالي أذهب إلى ابن زياد؟.. فما زال ذلك دأبه حتى دخل على عبيد الله بن زياد، فقال له: يا هاني أما كانت يد زياد عندك بيضاء؟ قال: بلى قال: فيدي؟ قال: بلى. فقال: يا هذا قد كانت لكم عندي يد بيضاء، وقد أمنتك نفسي ومالك؟ وتناول العصا التي كانت في يد هاني، فضرب بها وجهه حتى كسره بها، ثم قدمه وضرب عنقه... " (2).
وفي (كتاب المقتل) للشيخ فخر الدين بن طريح - رحمه الله -:
الكبرة - بالكسر -: الرفعة في الشرف والعظمة والنجر كالكبرياء.
ولعل المراد: أنه أخذته رفعة عن الفتك، فإنه من ضعة (منه رحمه الله).
(2) راجع ذلك - باقتضاب - في (ج 2 ص 5) طبع الحلبي بمصر، الطبعة الثانية سنة 1377 ه. (*)