الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٤ - الصفحة ٢٧
نفرا في المسجد، فصلى ثم خرج، ولم يبق معه أحد، فكان من أمره ما كان من القتل وإلقائه من فوق القصر - رحمة الله عليه - (1).
فقام محمد بن الأشعث إلى عبيد الله بن زياد، فكلمه في هاني بن عروة، فقال: إنك قد عرفت موضع هاني من المصر وبيته من العشيرة.
وقد علم قومه أنى وصاحبي سقناه إليك، وأنشدك الله لما وهبته لي، فانى اكره عداوة المصر وأهله. فوعده أن يفعل، ثم بدا له، وأمر بهانئ - في الحال - فقال: أخرجوه إلى السوق فاضربوا عنقه. فاخرج هاني حتى أتي به إلى مكان من السوق يباع فيه الغنم - وهو مكتوف - فجعل يقول: وامذحجاه ولا مذحج لي اليوم، يا مذحجاه يا مذحجاه أين مذحج فلما رأى أن أحدا لا ينصره، جذب يده فنزعها من الكتاف ثم قال: أما من عصا أو سكين أو حجر أو عظم يحاجز به رجل عن نفسه؟
فوثبوا إليه فشدوه وثاقا، ثم قيل له: امدد عنقك، فقال: ما أنا بسخي وما أنا بمعينكم على نفسي، فضربه مولى لعبيد الله بن زياد - لعنه الله - يقال له: (رشيد) بالسيف فلم يصنع شيئا، فقال هاني: إلى الله المعاد اللهم إلى رحمتك ورضوانك، ثم ضربه أخرى، فقتله (2).

(١) إلى هنا يلخص ويطوي سيدنا قصة بروز مسلم بن عقيل ومقاتلته لجيش عبيد الله بن زياد، وما آل إليه آخر المطاف من قتله ورميه وجره ودفنه أخيرا فقد فصلها الشيخ المفيد في الارشاد تفصيلا. فراجع ولكنه يعود لينقل نص كلام المفيد بعد هذه العبارة فيما يخص الحديث عن هاني بن عروة.
(٢) قال صاحب حبيب السير: إن هاني بن عروة كان قد أدرك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وتشرف بصحبته وكان يوم قتل ابن تسع وثمانين سنة وكان قتله سنة ٦٠ ه‍، وعده ابن حجر العسقلاني في الإصابة ممن أدرك النبي (ص) ونقل الزركلي في هامش الاعلام (ج ٩ - ص ٥١) - بعد أن ترجم لهانئ ابن عروة - قال: " وفي صلة تاريخ الطبري (ص ٦٢ من حوادث سنة ٣٠٤ ه‍) ورد إلى بغداد كتاب من خراسان يذكر فيه أنه وجد بالقندهار - في أبراج سورها برج متصل بها فيه خمسة آلاف رأس، في سلال من حشيش، ومن هذه الرؤس تسعة وعشرون رأسا، في أذن كل رأس منها رقعة مشدودة بخيط إبريسم باسم رجل منهم، والأسماء: شريح بن حيان، خباب بن الزبير، الخليل بن موسى التميمي الحارث بن عبد الله، طلق بن معاذ السلمي، حاتم بن حسنة، هاني بن عروة - صاحب الترجمة - عمر بن علان، جرير بن عباد المدني، جابر بن خبيب بن الزبير فرقد بن الزبير السعدي، عبد الله بن سليمان بن عمارة، مالك بن طرخان صاحب لواء، عقيل بن سهيل بن عمرو، عمرو بن حيان، سعيد بن عتاب الكندي، حبيب ابن أنس، هارون بن عروة، غيلان بن العلاء، جبريل بن عبادة، عبد الله البجلي مطرف بن صبح ختن عثمان بن عفان، وجدوا على حالهم إلا أنهم قد جفت جلودهم والشعر عليها بحالته لم يتغير ".
وهذه القصة غريبة جدا والعهدة على راويها، لان المذكور في كتب التاريخ:
أن بني مذحج - بعد أن قتل هاني بن عروة - أخذوا جثته بعد أن صلبه ابن زياد منكوسا في سوق القصابين مع جثة مسلم - ثم دفنوها في موضعه المعروف الآن مقابل قبر مسلم بن عقيل، وأهدى ابن زياد برأسه ورأس مسلم بن عقيل إلى يزيد ابن معاوية فنصبهما على باب دمشق، فكتب إليه يزيد يشكره. هذا ما ذكره المؤرخون فمن الذي أرسل رأس هاني إلى القندهار يا ترى؟ فلم نجد من يكشف لنا ذلك من المؤرخين سوى ما ذكره صاحب صلة تاريخ الطبري عريب بن سعد القرطبي المطبوع ذيلا لتاريخ الطبري الكبير بليدن سنة ١٨٩٧ م، في مصر أيضا مع تاريخ الطبري بجزء واحد سنة ١٣٢٧ ه‍، فراجعه.
وقد ذكرت ترجمة هاني في أكثر المعاجم الرجالية وذكره المؤرخون وأرباب المقاتل، راجع: تاريخ الأمم والملوك للطبري: وتاريخ الكامل لابن الأثير الجزري ومقاتل الطالبيين لابي الفرج الأصفهاني والمحبر لمحمد بن حبيب الهاشمي البغدادي ونقائض جرير والفرزدق لابي عبيدة معمر بن مثنى والتاج للجاحظ، ورغبة الآمل للمرصفي وجمهرة الأنساب لابن حزم، وصلة تاريخ الطبري لعريب بن سعد القرطبي، وتنقيح المقال للعلامة الحجة المامقاني، ومنتهى المقال لابي علي الحائري وأعلام الورى للطبرسي، وبحار الأنوار للمجلسي الثاني: ومقتل الموفق الخوارزمي أخطب خوارزم الحنفي طبع النجف الأشرف، وناسخ التواريخ الفارسي، وتاريخ أعثم الفارسي، وغيرها كثير.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب النون نعمان بن محمد بن منصور (قاضي مصر) أبو حنيفة الشيعي. 5
2 باب الهاء هارون بن مسلم بن سعدان الأنباري... 15
3 هاني بن عروة المرادي المذحجي، وذكر ورود مسلم بن عقيل الكوفة إلى آخر المطاف 18
4 هاني بن هاني السبيعي - آخر رسول أرسله أهل الكوفة إلى الحسين عليه السلام يستدعونه 50
5 باب الياء يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور - أبو زكريا الفراء النحوي 53
6 يزيد الكناسي، أبو خالد يزيد القماط... 57
7 الفوائد الرجالية (فائدة - 1) في ذكر رجال (إرشاد المفيد) من أولاد الأئمة وأحفادهم 63
8 (فائدة - 2) في ذكر تلامذة الشيخ الطوسي - رحمه الله - 67
9 (فائدة - 3) بحث في العدالة، وكيفية معرفتها ومدى الحاجة إلى ذلك 68
10 (فائدة - 4) اختلاف سلوك المشايخ الثلاثة في كيفية نقل الرواية بالنسبة إلى كتبهم الأربعة. وذكر طرق الشيخ في روايته... وأسماء سلسلة الرواية 73
11 (فائدة - 5) بيان المراد من كلام الشيخ في (الفهرست): " حدثنا وأخبرنا " ونحوهما 95
12 (فائدة - 6) ذكر رجال الخاصة والعامة الموثوقين الواردة أسماؤهم في (إجازة العلامة لبني زهرة) 99
13 (فائدة - 7) بيان المراد من (العدة) أو الجماعة الواردة في كلام الشيخ في (فهرسته) بجملة " حدثنا عدة من أصحابنا " أو " جماعة من أصحابنا "... 104
14 (فائدة - 8) بيان أن كنية " أبو عبد الله " في كلام الشيخ مشتركة بين ثلاثة: المفيد، والغضائري، وابن عبدون 108
15 (فائدة - 9) تنبيه أن (أبا علي بن شاذان) الذي روى عنه الشيخ في (الفهرست) ليس من أصحابنا، والتوقف في هلال الحفار. واستعراض أسماء الموثوقين الذين روى عنهم الشيخ في الأمالي ممن ورد ذكره في كتب العامة 109
16 (فائدة - 10) استظهار أن جميع من ذكره الشيخ في (فهرسته) من الشيعة الامامية، إلا من نص عليه بأنه من الزيدية، أو الفطحية أو الواقفية. ولمحة بسيطة عن هذه الفرق الثلاثة 114
17 (فائدة - 11) ذكر طرق الشيخ وإسناده إلى أصحاب الكتب والأصول ممن أشار إليهم في (الفهرست) 118
18 (فائدة - 12) الجواب عن الطعن في الرواية بالفطحية بأن ذلك لا يقدح في اعتبارها ووثاقة راويها 124
19 (فائدة - 13) التنويه بذكر أول السفراء الأربعة للحجة القائم (ع)، وإشادة بالثلاثة الآخرين، ولمحة عن الغيبتين الصغرى والكبرى 127
20 (فائدة - 14) استنظهار أن الحسين وحماد - الوارد ذكرهما في الكافي - هو الحسين بن المختار القلانسي، وحماد بن عيسى الجهني 129
21 (فائدة - 15) توجيه رواية الحسين بن سعيد عن معاوية بن عمار، من حيث اختلاف الطبقة 130
22 (فائدة - 16) المراد من محمد بن الفضيل، هو الصيرفي الضعيف لا الضبي الثقة 131
23 (فائدة - 17) توثيق الفضيل بن يسار النهدي وأولاده 132
24 (فائدة - 18) نقل احتمال (التفريشي) أن يكون محمد بن الفضيل هو محمد بن القاسم الثقة، واثبات أنه الصيرفي الضعيف 135
25 (فائدة - 19) استبعاد أن يكون العمركي أدرك ستة من الأئمة (ع) - كما يظهر من الكافي - وترجمة للعمركى 137
26 (فائدة - 20) محمد بن قيس مشترك بين الثقة، وغيره. وترجمة لمحمد بن قيس - هذا - 138
27 (فائدة - 21) إثبات أن محمد بن خالد لم يلق أبا بصير وأن الواسطة بينهما هو القاسم بن حمزة، وهو مجهول 141
28 (فائدة - 22) ذكر الاشكال على الشيخ في أنه ربما يذكر الرجل في (باب من لم يرو عنهم ع) وفي غيره من الأبواب 141
29 (فائدة - 23) أحمد بن يحيى الأشعري مهمل في كتب الرجال 143
30 (فائدة - 24) اثبات أن الحسن بن راشد الطفاوي ضعيف 144
31 (فائدة - 25) اثبات أن الحسين بن محمد الذي يروى عنه الكليني، هو الحسين بن محمد الأشعري الثقة 145
32 (فائدة - 26) استنتاج توثيق عامة شيوخ النجاشي واثبات غاية تحرزه من الرواية عن الضعفاء. 145
33 (فائدة - 27) اثبات عدم تواتر كتب الرواة، والاستدلال على غاية تحرز مشايخنا عن الضعفاء والمتهمين 147
34 (فائدة - 28) استعراض جملة من علماء النجوم الشيعة الواردين في كتاب (النجوم) لابن طاووس 149
35 (فائدة - 29) ذكر جملة من قدماء أصحاب الجرح والتعديل 150
36 (فائدة - 30) ذكر جملة من " الفطحية " الثقاة 152
37 (فائدة - 31) بيان من هو العقيقي صاحب الرجال ولمحة عن ترجمته 153
38 (فائدة - 32) استنتاج أن المقصود بابن الغضائري عند الاطلاق، هو أحمد بن الحسين، دون أبيه، وتوثيقه 153
39 (فائدة - 33) استظهار أن البرقي - صاحب الرجال - هو محمد بن خالد، لا أحمد، وبذلك ختام الكتاب. 156
40 كلمتنا حول الكتاب ومؤلفه... 158