نفرا في المسجد، فصلى ثم خرج، ولم يبق معه أحد، فكان من أمره ما كان من القتل وإلقائه من فوق القصر - رحمة الله عليه - (1).
فقام محمد بن الأشعث إلى عبيد الله بن زياد، فكلمه في هاني بن عروة، فقال: إنك قد عرفت موضع هاني من المصر وبيته من العشيرة.
وقد علم قومه أنى وصاحبي سقناه إليك، وأنشدك الله لما وهبته لي، فانى اكره عداوة المصر وأهله. فوعده أن يفعل، ثم بدا له، وأمر بهانئ - في الحال - فقال: أخرجوه إلى السوق فاضربوا عنقه. فاخرج هاني حتى أتي به إلى مكان من السوق يباع فيه الغنم - وهو مكتوف - فجعل يقول: وامذحجاه ولا مذحج لي اليوم، يا مذحجاه يا مذحجاه أين مذحج فلما رأى أن أحدا لا ينصره، جذب يده فنزعها من الكتاف ثم قال: أما من عصا أو سكين أو حجر أو عظم يحاجز به رجل عن نفسه؟
فوثبوا إليه فشدوه وثاقا، ثم قيل له: امدد عنقك، فقال: ما أنا بسخي وما أنا بمعينكم على نفسي، فضربه مولى لعبيد الله بن زياد - لعنه الله - يقال له: (رشيد) بالسيف فلم يصنع شيئا، فقال هاني: إلى الله المعاد اللهم إلى رحمتك ورضوانك، ثم ضربه أخرى، فقتله (2).