وهذه فرسان مذحج ووجوهها لم تخلع طاعة ولم تفارق جماعة، وقد بلغهم:
أن صاحبهم قد قتل، فأعظموا ذلك. فقيل لعبيد الله بن زياد: هذه مذحج بالباب، فقال لشريح القاضي: أدخل على صاحبهم فانظر إليه ثم أخرج وأعلمهم أنه حي لم يقتل، فدخل شريح فنظر إليه، فقال ماني - لما رأى شريحا -: يا لله والمسلمين، أهلكت عشيرتي، أين أهل الدين أين أهل المصر؟ - والدماء تسيل على لحيته - إذ سمع الصيحة على باب القصر، فقال: إني لأظنها أصوات (مذحج) وشيعتي من المسلمين إنه إن دخل على عشرة نفرا أنقذوني. فلما سمع كلامه شريح خرج إليهم فقال: إن الأمير لما بلغه كلامكم ومقالتكم في صاحبكم أمرني بالدخول عليه فاتيته، فنظرت إليه، فأمرني أن ألقاكم وأعرفكم: أنه حي، وأن الذي بلغكم من قتله باطل. فقال عمرو بن الحجاج وأصحابه: أما إذا لم يقتل فالحمد لله، ثم انصرفوا.
فخرج عبيد الله بن زياد - لعنه الله - فصعد المنبر - ومعه أشراف الناس وشرطه وحشمه - وقال: إما بعد أيها الناس، فاعتصموا بطاعة الله وطاعة أئمتكم، ولا تفرقوا فتهلكوا وتذلوا وتقتلوا وتجفوا وتحرموا، إن أخاك من صدقك (1) وقد أعذر من أنذر (2) ثم ذهب لينزل، فما نزل حتى دخلت النظارة (3) المسجد من قبل باب التمارين، يشتدون