ويقولون: قد جاء ابن عقيل. فدخل عبيد الله القصر - مسرعا - واغلق أبوابه.
فقال عبد الله بن حازم: أنا والله رسول ابن عقيل إلى القصر لأنظر ما فعل هاني، فلما ضرب وحبس ركبت فرسي، فكنت أول داخل الدار على مسلم بن عقيل بالحبر فإذا بنسوة لمراد مجتمعات ينادين: يا غيرتاه، يا ثكلاه. فدخلت على مسلم، فأخبرته، فأمرني أن أنادى في أصحابه - وقد ملأ بهم الدور حوله - كانوا فيها أربعة آلاف رجل - فقال لمناديه ناد: يا منصور أمت (1) فناديت، فتنادوا أهل الكوفة واجتمعوا، فعقد مسلم لرؤوس الأرباع: كندة ومذحج وتميم وأسد ومضر وهمدان. وتداعى الناس، فما لبثنا إلا قليلا حتى امتلأ المسجد والسوق من الناس. فما زالوا يتواثبون حتى المساء. فضاق بعبيد الله أمره، وكان أكثر عمله أن يمسك باب القصر، وليس معه إلا ثلاثون رجلا من الشرط وعشرون رجلا من أشرف الناس....
فدعا ابن زياد كثير بن شهاب ومحمد بن الأشعث والقعقاع الذهلي وشبث بن ربعي وحجار بن أبجر وشمر بن ذي الجوشن، وأمرهم أن يخرجوا فيمن أطاعهم من عشائرهم ويخذلوا الناس عن مسلم بن عقيل ويخوفونهم السلطان ويحذرونهم. ففعلوا ذلك ومنوا أهل الطاعة: الزيادة في العطاء والكرامة وخوفوا أهل المعصية بالحرمان والعقوبة، فلما سمع الناس مقالة أشرافهم، أخذوا يتفرقون عن مسلم بن عقيل، حتى أمسى مسلم وليس معه إلا ثلاثون