يقبض أموالهم وما يعين به بعضهم بعضا ويشتري لهم السلاح، وكان بصيرا وفارسا من فرسان العرب ووجوه الشيعة. وأقبل ذلك الرجل يختلف إليهم، فهو أول داخل وآخر خارج حتى فهم ما احتاج إليه ابن زياد فكان يخبره به وقتا، فوقتا ".
قال المفيد - رحمه الله -: " وخاف هاني بن عروة عبيد الله على نفسه فانقطع عن حضور مجلسه وتمارض، فقال ابن زياد لجلسائه: مالي لا أرى هانئا؟ فقالوا: هو شاك. فقال: لو علمت بمرضه لعدته.
ودعا محمد بن الأشعث وحسان بن أسماء بن خارجة وعمرو بن الحجاج الزبيدي - وكانت رويحة بنت عمرو تحت هاني بن عروة وهي أم يحيى بن هاني - فقال لهم: ما يمنع هاني بن عروة من إتياننا؟ فقالوا: ما ندرى، وقد قيل إنه يشتكي، قال: قد بلغني أنه قد برئ، وهو يجلس على باب داره فالقوه ومروه: ألا يدع ما عليه من حقنا فاني لا أحب أن يفسد عندي مثله من أشراف العرب. فاتوه حتى وقفوا عليه عشية - وهو جالس على بابه - وقالوا له: ما يمنعك من لقاء الأمير، فإنه قد ذكرك، وقال: لو أعلم أنه شاك لعدته؟ فقال لهم: الشكوى تمنعني، فقالوا له: قد بلغه أنك تجلس كل عشية على باب دارك، وقد استبطأك، والابطاء والجفاء لا يحتمله السلطان، أقسمنا عليك لما ركبت معنا، فدعا بثيابه، فلبسها، وببغلته فركبها، حتى إذا دنا من القصر كان نفسه أحست ببعض ما كان، فقال لحسان بن أسماء بن خارجة: يا بن الأخ، إني - والله - لهذا الرجل لخائف فما ترى؟ فقال: يا عم، والله ما أتخوف عليك شيئا، ولم تجعل على نفسك سبيلا - ولم يكن حسان يعلم في أي شئ بعث إليه عبيد الله - فجاء هاني حتى دخل على عبيد الله بن زياد - وعنده القوم - فلما طلع قال عبيد الله: