ولعل هذا هو السر في عدم تنصيص أكثر المتأخرين من علماء الرجال على توثيق كثير من الأعاظم ممن لا يتوقف في جلالته وثقته وعدالته كالصدوق - رضي الله عنه - والسيد المرتضى، وابن البراج، وغيرهم من المشاهير، اكتفاء بما هو المعلوم من حالهم، والطريق في التزكية غير منحصر في النص عليها، فان الشياع منهج معروف ومسلك مألوف، وعليه تعويل علماء الفن في توثيق من لم يعاصروه - غالبا - ومع الظفر بالسبب فلا حاجة إلى النقل.
وكيف كان فوثاقة الصدوق أمر ظاهر جلي، بل معلوم ضروري كوثاقة أبي ذر وسلمان، ولو لم يكن إلا اشتهاره بين علماء الأصحاب بلقبيه المعروفين (1)، لكفى في هذا الباب.
توفى - رضي الله عنه - بالري سنة احدى وثمانين وثلاثمائة ويظهر مما تقدم: أنه ولد بعد وفاة محمد بن عثمان العمرى في أوائل سفارة الحسين بن روح، وقد كانت وفاة العمري سنة خمس وثلاثمائة، فيكون قد أدرك من الطبقة السابعة فوق الأربعين، ومن الثامنة (2) إحدى وثلاثين، ويكون عمره نيفا وسبعين سنة، ومقامه مع والده ومع شيخه أبى جعفر محمد بن يعقوب الكليني - رضي الله عنه - في الغيبة الصغرى نيفا وعشرين سنة، فان وفاتهما سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وهي سنة وفاة أبى الحسن علي بن محمد السمري آخر السفراء الأربعة.