بوقت دون وقت، ولا جهة دون أخرى، وأنتم تتوجهون في هذه الصلاة إلى بيت المقدس، وليس ذلك شرطا في مطلق الذكر والدعاء.
ويلزمكم في اشتراط التوجه إلى بيت المقدس محذور آخر لا أركم تخلصون منه. وهو: أن بيت المقدس خطه داود، وبناه ابنه سليمان - عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام - وكان بين موسى وسليمان أكثر من خمسمائة عام. فكيف كانت صلاة موسى ومن بعده من الأنبياء إلى زمان سليمان (ع) وبنائه لبيت المقدس.
ومثل ذلك يلزمكم في أمر الحج، فان الحج عندكم - إلى بيت المقدس - ولم يكن موجودا في زمن موسى عليه السلام ومن بعده من الأنبياء إلى زمن سليمان، فهل ذلك شئ اخترعتموه أنتم من قبل أنفسكم، أم لكم على ذلك بينة وبرهان؟ " فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ".
فقالوا: قد علمنا ذلك من كلام الأنبياء من بعد موسى عليه السلام وكتبهم، وتفسير علمائنا للتوراة.
فقال لهم - أيده الله تعالى -: إن الأنبياء من بعد موسى كلهم على شريعته، متبعون له في أحكامه، يحكمون بما في التوراة، لا يزيدون عليها شيئا ولا ينقصون.
وأيضا. فإنكم - معشر اليهود - لا تجيزون النسخ في الشرائع فكيف جاز لكم إحداث هذه الأشياء التي لم تكن في زمن موسى عليه السلام وكيف جاز لعلمائكم تفسير التوراة بما هو خارج من شريعة موسى عليه السلام وكيف ادعيتم على الأنبياء: أنهم وضعوا هذه الشرايع الخارجة عن التوراة فبهتوا من هذا الكلام، وانقطعوا، وعجبوا من غزارة علمه واطلاعه على حالهم، ووقوفه على مذاهبهم ومقالاتهم، ثم جسر أحدهم فقال: نحن نقول: ما كان في زمن موسى