بين يدي المؤلف لقد صح في الحديث النبوي: " إن العلماء هم ورثة الأنبياء ".
وذلك بحكم شمول الرسالة وشرف غايتها وصعوبة أدائها، وشدة الحيطة في عامة أطرافها، من حيث أنها رسالة السماء إلى أبناء الأرض على اختلاف نفسياتهم واستعدادهم في التقبل وعدمه.
ونحن الآن - بدورنا - نقف وقفة الهيبة والتقدير أمام أبرز وأصدق مثال للحديث الشريف، وارث علوم جده سيد المرسلين بجدارة واستحقاق وسيد الطائفة المحقة، وزعيمها على رأس القرن الثالث عشر الهجري.
تلك الشخصية الاسلامية العملاقة: هي أكبر وأوسع أفقا من أن يحيط بها كاتب مهما أوتي من سعة الاطلاع وسلاسة اليراع، فان القلم يأخذ أطراف الموضوع، ولا يستطيع أن يسبر الغور والكنه، فشخصية (سيدنا المؤلف) أوضح مصداق لقول الشاعر:
أنت في منتهى الظهور خفي * ولدى منتهى الخفا في ظهور ولقد كتب عن سيدنا - قدس سره - جميع من كتب في الرجال والتراجم: من معاصريه، وممن جاء بعده. فأينما تصوب نضرك تجد - منذ ذلك العهد حتى اليوم، وستجد بعد اليوم أيضا - هذه الشخصية الاسلامية الكبرى تحتل المكانة السامية من كتب الفقه والأصول والحديث والتاريخ والتفسير والأدب، وعامة الفنون الاسلامية، فلقد كان سيدنا - قدس سره - من أولئك العلماء الذين لم يفتهم الاطلاع على كثير من العلوم التي لها صلة بأداء رسالتهم الاسلامية - مهما كان نوعها - وعليه، فنحن الآن - نحظى بشرف التحدث عن يسير من كثير مما نعرفه عن شخصية سيدنا المترجم له، ونترك التفصيل والإحاطة لمن