أن والده المرتضى رأى - في منامه - ليلة ولادة ولده المهدي الإمام الرضا عليه السلام وهو يناول شمعة كبيرة إلى محمد بن إسماعيل بن بزيع التلميذ الإمام وخادمه - فيشعلها محمد - بدوره - على سطح دار السيد، فيعلو سناها إلى عنان السماء ويطبق الخافقين، فينتبه السيد من نومه قبيل الفجر، وإذا بالحلم بتحقق، وتفاؤل الإمام الرضا عليه السلام يتجسد إلى عالم الحقيقة، يرمي الإمام عليه السلام بتفاؤله: أن المولود السعيد سوف يطبق نوره عامة المعمورة بفيض علمه وسنا إرشاداته وتعاليمه. وفعلا كان الذي يهدف إليه الإمام عليه السلام، فقد قيل في ولادته: " لنصرة آي الحق قد ولد المهدي ".
ومهما قيل في الأحلام من تآويل بعيدة أو قريبة فان رؤية الإمام عليه السلام في الحلم لا تخضع للتأويل فقد روى عنهم عليهم السلام: " من رآنا فقد رآنا فان الشيطان لا يتمثل بنا " أو بقريب من هذا اللفظ.
نشأته في كربلاء:
تربى في أحضان والده العطوف تربية عز وشرف وأدب وكرامة فكان يعتني منه كثيرا لما ينتظره من مستقبله الطموح - حسبما حدثته به أحلامه ليلة ولادته - فكان يصحبه معه - وهو يدرج - إلى مرقد جده الإمام الشهيد عليه السلام، وإلى مواضع البحث والتدريس، وإلى مظان العبادة، فاستقى من هذا وذاك روح الايمان وواقعيته كما تشاؤه ذاته الطيبة وكفاءته النشطة، ونبهاته العلوية.
وتعلم القراءة ولكتابة - قبل اجتياز السابعة من عمره الشريف - فأخذ يزدلف إلى مجالس العلماء، ويتشوق ويصغي إلى محاضراتهم العلمية كما يصغي بقية التلاميذ إليها بتأمل.