من اهل العلم - وسماه له - كان يأخذ كل ليلة من البقال (قسبا) لقوت عياله ولهم قرابة الأسبوع لم يذوقوا الحنطة والأرز. وفي هذا اليوم ذهب إلى البقال ليأخذ القسب، فامتنع البقال من اعطائه لثقل دينه، فظل - هذه اللية - هو وعياله وأطفاله بلا عشاء، فأخذ السيد محمد جواد يعتذر إلى السيد - قدس سره - بعدم علمه بالموضوع، فقال له السيد رحمه الله: " لو علمت بحاله - وتعشيت ولم تلتفت إليه - كنت يهوديا - أو قال -: كافرا. وانما أغضبني عليك عدم تجسسك عن إخوانك وعدم علمك بحالهم ".
فأمر له السيد رحمه الله " بصينية " كبيرة فيها أنواع الأكل " وصرة " من المال على أن يوصلها إلى ذلك الرجل، ويتعشى معه ويستقر، ويأتيه بالخبر حتى يتعشى السيد، وبقي عشاؤه أمامه لم يتناول منه شيئا، حتى رجع " السيد العاملي " من ذلك الرجل، وأخبره باستقراره وفرحه بالطعام والمال، لأنه كان مدينا بقدر المال - تقريبا - فعند إذ تناول السيد عشاءه وجرت القصة إلى بعد منتصف الليل. والقصة مفصلة هذا مجملها.
هذه من علاه احدى المعالي * وعلى هذه فقس ما سواها مساجلاته الأدبية:
وبالرغم من عظمته في العلم، ووصوله الغاية القصوى في الزهد والتقوى، كان - قدس سره - على جانب كبير من أريحية الأدب ولطف المساجلة والإخوانيات.
فمن ذلك: أنه دفع - يوما - لتلميذه الحجة السيد محمد جواد العاملي " شاميين " - من نقود زمانه - ليدفعهما إلى أحد المحتاجين. فامتثل السيد العاملي، وجاء إلى دار السيد ليخبره بامتثاله. فوجده داخل حرمه المقدس فكتب إليه - عجلا - في رقعة: " الشاميين قد دفعهما " ومهر الرقعة