من غير تحريف، ولا تبديل، والحكم فيها عام لجميع الناس، شامل لجميع الأزمنة، ولم يقع فيها نسخ، ولا أتى من بعد موسى (ع) نبي ناسخ لشريعته إلا عيسى (ع) ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأنتم لا تقولون بنبوتهما، ولا بنسخ شريعة موسى (ع) في حال من الأحوال.
فقالوا: ان هذا كله من باب الأوامر، والأمر يجوز تغييره بحسب الأزمنة بخلاف النهي، والأمر لجلب الثواب، والنهي لدفع العقاب فاختلفا فقال - أيده الله تعالى -. لا فرق بين الأمر والنهي في وجوب الطاعة والاتباع وامتناع النسخ بغير ناسخ ولا داع، والأمر إذا كان للإيجاب فهو كالنهي لدفع العقاب مع جلب الثواب وما ادعيتم: ان جميع هذه الأحكام من باب الأوامر، فليس كذلك. فان عبارات التوراة في تلك المقامات قد جاءت بلفظ الأمر وغيره كالنهي والتحريم والطهارة والنجاسة، فاتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين.
فانتقلوا من هذا البحث إلى غيره.
فقال كبيرهم: كيف لا تحكمون - يا معاشر المسلمين - بحكم التوراة - وفي القرآن: " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ".
فقال - أيده الله تعالى - إنه لما ثبت عندنا - نبوة نبينا (ص) ونسخه للشرائع السابقة كان الواجب علينا اتباع هذه الشريعة الناسخة دون الشرائع المنسوخة، فهذا مثل ما وجب عليكم من اتباع الشريعة موسى (ع) والعمل بما في التوراة، دون ما تقدمها من الأديان والشرائع والكتب وقد بقي جملة من أحكام التوراة لم تنسخ، كأحكام الجراح والقصاص وغيرها فنحن نحكم بها لوجودها في القرآن، لا لوجودها في التوراة.
فقال: ما معنى قوله: " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " وأي فرق بين النسخ والإنساء، وما الفائدة في نسخ الشئ