من الأنفال قرينة واضحة على أن مقتضاه ملكية الأرض للإمام (ع) والمراد من الإعطاء فيها هو إعطاء الأرض وتسليمها للإمام (ع) تسليما ابتدائيا وبدون أي شرط مسبق بقرينة جعله في مقابل الصلح.
ولكن هذه المجموعة من الروايات ليست في مقام بيان تمام أنواع الصلح وأقسامه، وإنما هي في مقام بيان ما هو من الأنفال، ومن الطبيعي أن أرض الصلح التي تكون من الأنفال هي الأرض التي اقتضى الصلح ملكيتها للإمام (ع).
وأما أراضي أهل الذمة التي هي في أيديهم فالظاهر أن علاقتهم بها تكون على مستوى الملك، ومن الطبيعي أن إبقاء تلك الأراضي في أيديهم من قبل ولي الأمر إنما هو بموجب ما تم بينهم وبين ولي المسلمين بشأنها في عقد الصلح، وتدل على الملك مجموعة عن الروايات:
منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: سألته عن شراء أرض أهل الذمة فقال: (لا بأس بها فتكون إذا كان ذلك بمنزلتهم تؤدي عنها كما يؤدون) الحديث (1).
ومنها: مضمرة زرارة قال: قال: (لا بأس بأن يشتري أرض أهل الذمة إذا عملوها وأحيوها فهي لهم) (2).
وتؤكد ذلك رواية أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله (ع) قال: (لا تشتر من أرض السواد شيئا إلا من كانت له ذمة) الحديث (3).
فإن الظاهر من هذه المجموعة هو شراء رقبة الأرض، وحملها على شراء الحق المتعلق بها كما كان الأمر كذلك في شراء الأرض المفتوحة عنوة وإن كان بمكان من الإمكان إلا أنه خلاف الظاهر فيكون بحاجة إلى قرينة.
فالنتيجة أن أرض الصلح تختلف باختلاف ما تم عليه عقد الصلح بشأنها، وليس لها ضابط كلي في جميع الموارد.