العبد ببعث المولى، لعدم صدق الإطاعة على غير ذلك وان شئت قلت: الإطاعة عبارة عن كون امره داعيا إلى الاتيان بالمأمور به وصيرورة العبد متحركا بتحريكه، والمحرك في الشبهة البدئية ليس امره وبعثه، بل احتمال امره وبعثه سواء كان في الواقع أمر أم لا، وما هو الموضوع لانبعاثه ليس الأنفس الاحتمال من غير دخالة لمحتمله في البعث والشاهد عليه انبعاثه وان لم يكن في نفس الامر بعث.
وبعبارة أخرى: ان الباعث انما هو الصورة الذهنية من الامر القائم بالنفس، من غير دخالة لوجودها الواقعي في الانبعاث، وهذا لا يكفي في تحقق الإطاعة.
أقول: مر الايعاز إلي هذا الاشكال في مبحث القطع وأوضحنا حاله هناك وقد فصلنا الكلام في دفعه في الدورة السابقة ولأجل ذلك نكتفي في المقام بما يلي: ان الإطاعة والعصيان من الأمور العقلائية ولا يتوقف تحقق الإطاعة على كون انبعاثه عن امره وبعثه، بل يكفي في ذلك أن يكون العبد آتيا بالشئ لأجله تعالى متقربا بعمله، راجيا الوصول إلى أغراضه، وهو محقق مطلقا سواء كان عالما بالامر أو محتملا والحاصل: ان عبادية العبادة لا يتوقف على ما ذكره بل يكفي ما ذكرنا على أن الانبعاث مطلقا ليس من امره، فان علة الانبعاث انما هو المبادى الموجودة في نفس المطيع من الطمع في رضوانه، والخوف من ناره وعقابه واما الامر، فليس له شأن سوى انه محقق لموضوع الإطاعة.
على أن المنبعث عن احتمال الامر أولى بكونه مطيعا ممن لا ينبعث الا عن الامر القطعي فان الانبعاث عن احتماله كاشف عن قوة المبادى الباعثة إلى الإطاعة في نفس المطيع من الاقرار بعظمته والخضوع لديه هذا ولا أظن أن المقام يحتاج إلى أزيد من هذا علي ان مساق الاشكال كونه واردا على مطلق الاحتياط بحيث يعم أطراف العلم الاجمالي، ولكنك عرفت في مبحث القطع ان الباعث إلى الاتيان بالاطراف انما هو البعث القطعي التفصيلي المردد بين تعلقه لهذا أو ذاك والاجمال انما هو في المتعلق فراجع.
اما ما يختص بالاحتياط في أطراف العلم الاجمالي: فمنه ما يختص بصورة