تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ٤٤
بالمسامحة العرفية فغير وجيه، لان العرف مهما كان متسامحا، لا يرضى أن يقول بان الوجوب الغيري الثابت سابقا، عين الوجوب النفسي الحادث لاحقا بدليل آخر، ولو فرض تسامحه إلي هذه المنزلة فسيوافيك ان المسامحات العرفية غير مقبول.
وانما الميزان في المقام هو العرف الدقيق نعم، لا عبرة بالدقة العقلية، كما لا عبرة بالمسامحة العرفية فانتظر.
ثم إنه يظهر مما ذكرنا اختصاص العلوي بالواجبات إذ لا ثبوت ولا عهدة في المستحبات الا بوجه آخر، واما تنقيح المناط أو الغاء الخصوصية مع الاعتراف بظهورها في الواجبات فلا وجه له.
واما العلوي الثاني: فلا شك انه ظاهر في الكل المجموعي وهل يمكن استفادة حرمة ترك البقية أولا، وجهان مبنيان على تقديم أحد الظهورين من الصدر والذيل على الآخر، فان الصدر أعني الموصول ظاهر في الأعم من الواجب والمستحب، كما أن النهى أعني قوله عليه السلام " لا يترك " ظاهر في حرمة الترك، فلا وجه لتقديم الذيل على الصدر لو لم نقل بان الراجح هو العكس " فيتصرف في الذيل ويحمل على مطلق المرجوحية، والسر في ذلك ان توجه الذهن إلى الصدر يمنع عن انعقاد ظهور للذيل الا إذا كان أقوى ظهورا منه حتى ينصرف الذهن عما توجه إليه أولا ولو تنزلنا فلا أقل من عدم الترجيح.
وما افاده الشيخ الأعظم من أن قوله " لا يترك " كما أنه قرينة على تخصيص الموصول بغير المباحات والمحرمات، هكذا قرينة على اختصاصه بالواجبات، لا يخلو من ضعف، فان القرينة على تخصيصه بغير هما انما هو قوله عليه السلام لا يدرك، لاقوله " لا يترك " فان الدرك وعدم الدرك انما يستعمل في المواضع التي يكون للآمر والمكلف داع إلى اتيانه، فإذا قال الآمر: " ما لا يدرك كله " يفهم منه ما يليق ان يدرك كله، فيكون معنى قوله ما لا يدرك كله أي كل راجح يكون للمكلف والآمر داع إلي اتيانه ولم يدرك كله، فعندئذ لا يترك كله.
(٤٤)
مفاتيح البحث: المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست