تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ٥٣
به موافقا لغرضه بماله من القيود والشروط، سواء أمر به أم لم يأمر كما إذا لم يأمر لغفلة لكن لو توجه لأمر به، كانقاذ ولده الغريق، فان القيام بهذا الامر مقرب ومستوجب للثواب، ونظيره لو سقط أمر الضد، لابتلائه بالمزاحم الأقوى على القول بامتناع الترتب، وثالثا: يمكن ان يقال إن الآتي بالشئ لاحتماله امره يصدق عليه الإطاعة عرفا لان الباعث على أي حال ليس هو الامر كما تقدم، والمبادئ الباعثة موجودة في عامة الصور فالمسألة واضحة.
في شروط البراءة العقلية اما الشبهات الحكمية فشرط جريانها فيها هو الفحص واستدلوا عليه بالأدلة الأربعة فمنها العقل ويقرر حكمه في المقام بوجوه.
الأول ان تمام الموضوع لحكمه في قبح العقاب بلا بيان وإن كان هو البيان الواصل إلى المكلف، إذ نفس وجوده في نفس الامر بلا وصول منه إليه لا يرفع قبحه الا ان المراد من الايصال ليس الا الايصال المتعارف بين الموالى والعبيد، ورئيس الدولة وتابعيها، أعني الرجوع إلى المواضع والمحال المعدة لبيان القوانين والاحكام، التي شرعها صاحبها لمن يجب له اتباعها والعمل بها، وهو يختلف حسب اختلاف الرسوم والعادات، والأمكنة والأزمنة وليس هو اليوم الا الكتب والزبر الحاوية لبيان المولى وأمره ونهيه.
وقد جري رسم المولى سبحانه على ابلاغ احكامه بنبيه صلى الله عليه وآله وهو قد بلغ إلى أوصيائه وهم قد بلغوا ما أمروا به حسب وسعهم، وقد ضبطها ثلة جليلة من أصحابهم، وملازميهم، ومن يعد بطانة لعلومهم واسرارهم وقد بلغ تلك الزبر الكريمة والصحف المباركة عن السلف إلى الخلف بأيدينا، فمن الواجب علينا الرجوع إليها للوقوف على وظائفنا، فلو تركنا الفحص والتفتيش، لسنا معذورين في ترك التكاليف، فلو عاقبنا المولى، لا يعد عقابه عقابا بلا بيان.
وربما يورد عليه: بان الأحكام الواقعية انما يتصف بالمنجزية إذا كانت متصفة بالباعثية والمحركية، وهى لا تتصف بالباعثية بوجودها الواقعي بل بوجودها العلمي
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست