ما هو الحرام انما هو الاضرار على انحائه تسبيبا أو مباشرة، واما حديث الرفع والدفع عن الغير، فهو خارج عن مفاده.
بقى الكلام في الاكراه علي الضرر، فالظاهر حكومة حديث الرفع علي دليل نفى الضرر بأي معنى فسر سواء كان نهيا شرعيا أو نهيا سلطانيا، فان حديث رفع ما استكرهوا حاكم على الرواية أو على وجوب اتباع الرسول وأولي الأمر، أعني قوله تعالى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وغيره، أو يقال بانصراف قوله صلى الله عليه وآله: لا ضرر ولا ضرار عن هاتيك الموارد، مما لا يستند الضرر حقيقة إلى المباشر بل إلى أمر المتوعد، كالتولية من الجائر على وجه الاكراه، فان الضار في نظر العرف انما هو المكره: لا المكره، (بالفتح) نعم: القول بحكومة حديث الرفع على أدلة الاحكام على اطلاقها غير صحيح، وقد نبهنا عليه في الرسالة التي عملناها في التقية ولا يمكن الجمود على اطلاق الحديث والعمل به وان تحقق الاكراه، كما إذا أوعده وأكرهه على هدم الكعبة، واحراق القرآن، وابطاله بحيث يقع الناس معه في الضلالة، أو امره على المعاصي الموبقة المهلكة، ولا أظن التزامهم بحكومة الحديث على ما دل على حرمة تلك الأفعال، وان أوعده المكره بما لو اوعد به في طلاق امرأته، أو عتق عبده لتحقق الاكراه وصار الطلاق والعتق باطلين كما لو أوعده بالشتم والضرب، ونهب مال يسير، فان الايعاد بها يدخل الطلاق والعتاق لأجله تحت حديث الرفع، ويحكم الطلاق وعديله، بالبطلان الا ان ذلك الايعاد لا يمكن أن يكون ملاكا للاتيان بالمحارم الموبقة، والعزائم المذكورة، بل لا يجوز في بعض الصور وان أوعده بالقتل وان ورد التقية في كل شئ الا الدماء.
وبذلك يتضح، انه لو امره الوالي، بعدم بيوت الناس وضربهم، وسبى نسائهم ونهب أموالهم، وأوعده بما يتحقق معه أول مرتبة من الاكرام، من الشتم ونحوه، لا يجوز له ذلك وان اطلاق قوله: كل ما اضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله منصرف عنه، وعلى ذلك فالأولى التفصيل بين الوضع والتكليف وان حديث الرفع حاكم على الأحكام الوضعية في عامة مراتب الاكراه، واما التكليفية، فالحق التفصيل