تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١٣٢
من قبل لا ضرر لا يمكن ان ينفى بلا ضرر، لان المحكوم لابد أن يكون في الرتبة المتأخرة من الحاكم حتى يكون شارحا وناظرا إليه (1) والمفروض ان هذا الضرر الحادث متأخر عن لا ضرر فكيف يكون حاكما على الامر المتأخر " انتهى ".
وفيه: ان ذلك مبنى على ما اختاره في باب الحكومة وسيوافيك في محله انه لا يشترط في الحكومة التفسير والشرح، على أن النظر إلى المتأخر رتبة ممكن، فإذا تولد من اجراء القاعدة حكم ضرري، فلا مانع من نفيه بنفس هذا الدليل - كما في قوله: صدق العادل - فان الحكم مجعول على وزان القضايا الحقيقية، والشارع نفى ورفع كل حكم ضرري محقق وجوده أو مقدره في ظرف تحققه.
ومما ذكرنا يتضح حال تعارض الحرجين، فإنه كتعارض الضررين طابق النعل بالنعل واما حديث حكومة لا حرج على لا ضرر فمما لا أصل له بناءا على مسلك القوم، اما إذا قلنا: بان دليل رفع الحرج، هو قوله صلى الله عليه وآله: لا ضرار، على ما عرفت منا تحقيقه، وانه بمعنى الحرج والكلفة والمشقة فواضح واما إذا كان دليله قوله تعالى: جاهدوا في الله حق جهاده هو اجتبيكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل الحج 78: فمثل ما تقدم، فان لسان الدليلين واحد وكلاهما انشاء لنفى الاحكام الضررية والحرجية علي ما ذهب إليه القوم في معنى القاعدة، (وعليه) فحكومة أحدهما على الاخر بعد اشتراكهما في اللسان والمرمى بلا وجه ولو قيل: إن لسان لا ضرر نفى تحققه ولسان لا حرج بمقتضى الآية نفى الجعل وبما ان الجعل مقدم على التحقق يكون نفيه حاكما على نفيه يقال: إن باب الحكومة لابد وأن يكون عقلائيا بحيث إذا عرض الدليلان على العرف يقدم أحدهما تحكيما بلا نظر إلى النسبة بينهما وما ذكر ليس تقديما عقلائيا عرفيا كما لا يخفي

(1) ودونك نقل عبارته الموجودة في تقريراته المذكورة ص 225: فقال: فإذا نشأ ضرر من حكومة لا ضرر فلا يمكن أن يكون ناظرا إلى هذا الضرر لان المحكوم لابد أن يكون متقدما!
في الرتبة على الحاكم حتى يكون شارحا له وناظرا إليه وان هذا الضرر الحادث متأخر في الرتبة عن قاعدة لا ضرر ولعل بين التعبيرين فرقا - المؤلف.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست