وفيه: ان ذلك بمنزلة اعدام الدليل نفسه أو مصداقا من مصاديقه وهو غير معقول والدليل الواحد لا يمكن ان يتكفل ما ذكر، وقوله صلى الله عليه وآله: لا ضرر ولا ضرار وإن كان انشاء النفي الاحكام الضررية على مباني القوم، حسب القضية الحقيقية، غير أن الدليل الواحد، لا يمكن ان يتكفل بجعل واحد ما ذكر، بان يكون معدما لنفسه، أو مصداقا من مصاديقه الذي هو هو بعينه، ولا يقاس المقام بحكومة الأصل السببي على المسببي بان يقال. ان المقام من قبيل حكومة مصداق من الدليل على مصداق آخر، وهو غير اعدام الشئ نفسه، لأنه قياس مع الفارق - وجه الفرق - ان الأصل في ناحية السبب يرفع موضوع الأصل المسببي أعني الشك تشريعا (على مسلك القوم) فلا يبقى بعد جريانه موضوع لقوله: لا تنقض اليقين بالشك في ناحية المسبب حتى يكون الدليل معدما نفسه، فالحكم في ناحية المسبب مرتفع بالذات، لارتفاع موضوعه وهو الشك من أجل الأصل السببي مع أن في كيفية حكومة الأصل السببي على المسببي كلاما تعرضناه في الأصول وقررناها بما يدفع عنها الاشكال نعم لو لزم في مورد نفى " لا تنقض " نفسه بان يتكفل انشاء عدم نقض اليقين بالشك اعدام عدم النقض فهو أيضا محال، وما نحن فيه من هذا القبيل، والتمسك بذيل القضية الحقيقية على فرض تسليمه لا يرفع الاشكال، فان اعدام الشئ نفسه باطلا، وحديث الانحلال لا يصحح الامر الباطل، على أن تفسير الانحلال بما ذكر من انشاء قضايا متكثرة غير تام عندنا، وقد أوضحنا معنى الانحلال في محله، وقلنا: انه ليس في البين الا انشاء واحد غير أنه حجة علي الناس في عامة الموارد.
وربما يقال: في تقرير تعارض الضررين، ان جواز التصرف منفي بلا ضرر ومنع التصرف الناشئ من لا ضرر أيضا منفى بلا ضرر فيتعارضان.
وفيه: ان شأن الحديث هو رفع الحكم أعني جواز التصرف، لا اثبات الحكم أعنى المنع من التصرف الذي هو حكم وجودي، ورفع الحكم ليس حكما شرعيا حتى ينفى بلا ضرر.
ثم إن بعض أعاظم العصر أجاب عن تعارض الضررين بان الحكم الناشئ