ثم نقل سائر الاحتمالات فقال: والظاهر الراجح عندي بين المعاني الأربعة هو الأول، وهو الذي لا تسبق الأذهان الفارغة عن الشبهات العلمية إلا إليه.
ثم أيد ما ذكره بقوله في قضية سمرة: (إنك رجل مضار، ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن)، وقال: إنه بمنزلة صغرى وكبرى، فلو أريد التحريم كان معناه أنك رجل مضار، والمضارة حرام، وهو المناسب لتلك الصغرى، لكن لو أريد غيره مما يقولون صار معناه: أنك رجل مضار، والحكم الموجب للضرر منفي أو الحكم المجعول منفي في صورة الضرر، ولا أظن بالأذهان المستقيمة ارتضاءه.
ثم أيد مدعاه بقول أئمة اللغة ومهرة أهل اللسان، كما تقدم.
ثم قال: وليعلم أن المدعى: أن حديث الضرر يراد به إفادة النهي عنه، سواء كان هذا باستعمال التركيب في النهي ابتداء، أو أنه استعمل في معناه الحقيقي، وهو النفي، ولكن لينتقل منه إلى إرادة النهي.. إلى أن قال: فالمدعى أن الحديث يراد به إفادة النهي، لا نفي الحكم الضرري، ولا نفي الحكم المجعول للموضوعات عنها، ولا يتفاوت في هذا المدعى أن استعمال النفي في النهي بأي وجه، وربما كانت دعوى الاستعمال في معنى النفي - مقدمة للانتقال إلى طلب الترك - أدخل في إثبات المدعى حيث لا يتجه - حينئذ - ما يستشكل في المعنى الأول من أنه تجوز لايصار إليه (1). انتهت الموارد الحساسة من كلامه رحمه الله.