فاتضح مما ذكرنا: أن الضرر في الحديث هو النقص في الأموال والأنفس، والضرار فيه هو التضييق والتشديد وإيصال المكروه والحرج، وقضية سمرة بن جندب إنما تكون ضرارا على الأنصاري وتشديدا وتضييقا وإيصالا للمكروه ] إليه [بدخوله في منزله بلا استئذان، والنظر إلى شيء من أهله يكرهه الرجل.
وليس الضرار بمعنى الضرر في الحديث (1); لكونه تكرارا باردا، ولا بمعنى الإصرار على الضرر (2)، ولا مباشرة الضرر، ولا المجازاة عليه، ولا اعتبر فيه كونه بين الاثنين كما قيل (3).
ولا أظنك بعد التأمل والتدبر فيما ذكرنا - والفحص في موارد استعمال الكلمتين في القرآن والحديث، والتدبر في قضية سمرة وإطلاق خصوص المضار عليه - أن تتأمل في تصديق ما ذكرناه.
نعم هنا أمر لابد من التعرض له والتفصي عنه، وهو أن أئمة اللغة ومهرة اللسان صرحوا: بأن الضرار في الحديث بمعنى المجازاة، وبمعنى باب المفاعلة:
فعن النهاية الأثيرية: معنى قوله: (لا ضرر); أي لا يضر الرجل أخاه، فينقصه شيئا من حقه، والضرار فعال من الضر; أي لا يجازيه على إضراره بإدخال الضر عليه، والضرر فعل الواحد، والضرار فعل الاثنين، والضرر ابتداء